صفحة جزء
2024 81 - حدثنا إسحاق بن إبراهيم قال: أخبرنا الوليد بن مسلم، عن الأوزاعي، عن الزهري، عن سالم، عن أبيه رضي الله عنه قال: رأيت الذين يشترون الطعام مجازفة يضربون على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يبيعوه، حتى يؤوه إلى رحالهم.


مطابقته للترجمة ظاهرة، من حيث إنه يتضمن منع بيع الطعام قبل القبض; لأن الإيواء المذكور فيه عبارة عن القبض، وضربهم على تركه يدل على اشتراط القبض، والترجمة فيما يذكر في الطعام، والذي ذكر في الطعام يعني الذي ذكره في أمر الطعام هذا، يعني منع بيعه قبل الإيواء الذي هو عبارة عن القبض.

وإسحاق بن إبراهيم هو إسحاق بن راهويه، والوليد بن مسلم أبو العباس الدمشقي، والأوزاعي عبد الرحمن بن عمرو، والزهري محمد بن مسلم.

والحديث أخرجه البخاري أيضا في المحاربين، عن عياش الرقام. وأخرجه مسلم في البيوع، عن أبي بكر بن أبي شيبة، عن عبد الأعلى، عن معمر، عن الزهري، عن [ ص: 250 ] سالم بن عمر "أنهم كانوا يضربون على عهد رسول الله - صلى الله تعالى عليه وسلم - إذا اشتروا طعاما جزافا أن يبيعوه في مكانه، حتى يحولوه" وأخرجه أبو داود فيه، عن الحسن بن علي، عن عبد الرزاق. وأخرجه النسائي فيه، عن نصر بن علي، عن يزيد بن زريع.

قوله: "مجازفة" نصب على أنه صفة لمصدر محذوف، أي يشترون الطعام شراء مجازفة، ويجوز أن يكون نصبا على الحال يعني حال كونهم مجازفين، والجزاف مثلث الجيم، والكسر أفصح وأشهر، وهو البيع بلا كيل ولا وزن ولا تقدير، وقال ابن سيده: وهو يرجع إلى المساهلة، وهو دخيل. وقال القرطبي: في حديث الباب دليل لمن سوى بين الجزاف والمكيل من الطعام في المنع من بيع ذاك حتى يقبض، ورأى أن نقل الجزاف قبضه، وبه قال الكوفيون والشافعي وأبو ثور وأحمد وداود، وحمله مالك على الأولى والأحب.

ولو باع الجزاف قبل نقله جاز; لأنه بنفس تمام العقد في التخلية بينه وبين المشتري صار في ضمانه، وإلى جواز ذلك صار سعيد بن المسيب والحسن والحكم والأوزاعي وإسحاق، وقال ابن قدامة: إباحة بيع الصبرة جزافا مع جهل البائع والمشتري بقدرها لا نعلم فيه خلافا، فإذا اشترى الصبرة جزافا لم يجز بيعها حتى ينقلها، نص عليه أحمد في رواية الأثرم، وعنه رواية أخرى "بيعها قبل نقلها" اختاره القاضي، وهو مذهب مالك، ونقلها قبضها كما جاء في الخبر، وفي (شرح المهذب) عند الشافعي "بيع الصبرة من الحنطة والتمر مجازفة صحيح، وليس بحرام".

وهل هو مكروه؟ فيه قولان، أصحهما: مكروه كراهة تنزيه، والبيع بصرة الدراهم كذلك حكمه، وعن مالك أنه لا يصح البيع إذا كان بائع الصبرة جزافا يعلم قدرها، كأنه اعتمد على ما رواه الحارث بن أبي أسامة، عن الواقدي، عن عبد الحميد بن عمر أن ابن أبي أنس قال: "سمع النبي - صلى الله تعالى عليه وسلم - عثمان يقول: في هذا الوعاء كذا وكذا، ولا أبيعه إلا مجازفة، فقال النبي - صلى الله تعالى عليه وسلم -: إذا سميت كيلا فكل" وعند عبد الرزاق قال: قال ابن المبارك: إن النبي - صلى الله تعالى عليه وآله وسلم - قال: "لا يحل لرجل باع طعاما قد علم كيله حتى يعلم صاحبه".

التالي السابق


الخدمات العلمية