صفحة جزء
196 62 - حدثنا خالد بن مخلد قال : حدثنا سليمان قال : حدثني عمرو بن يحيى ، عن أبيه قال : كان عمي يكثر من الوضوء ، قال لعبد الله بن زيد : أخبرني كيف رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يتوضأ؟ فدعا بتور من ماء ، فكفأ على يديه فغسلهما ثلاث مرار ، ثم أدخل يده في التور فمضمض واستنثر ثلاث مرات من غرفة واحدة ، ثم أدخل يده فاغترف بها فغسل وجهه [ ص: 93 ] ثلاث مرات ، ثم غسل يديه إلى المرفقين مرتين مرتين ، ثم أخذ بيده ماء فمسح رأسه فأدبر به وأقبل ، ثم غسل رجليه فقال : هكذا رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يتوضأ .


مطابقة الحديث للترجمة ظاهرة .

بيان رجاله :

وهم خمسة : الأول : خالد بن مخلد ، بفتح الميم ، وسكون الخاء المعجمة ، وفتح اللام ، القطواني البجلي ، مر في أول كتاب العلم .

الثاني : سليمان بن بلال أبو محمد ، مر في أول كتاب الإيمان .

الثالث : عمرو بن يحيى .

الرابع : يحيى بن عمارة .

الخامس : عم يحيى هو عمرو بن أبي حسن كما تقدم .

وبقية الكلام فيه وفيما يتعلق بالحديث مر في باب مسح الرأس كله ، ولنذكر هنا ما لم نذكره هناك .

قوله : ثلاث مرات ، وفي رواية : ثلاث مرار .

فإن قلت : حكم العدد في ثلاثة إلى عشرة أن يضاف إلى جمع القلة ، فلم أضيف إلى جمع الكثرة مع وجود القلة ، وهو مرات .

قلت : هما يتعاوضان ، فيستعمل كل منهما مكان الآخر ، كقوله تعالى : ثلاثة قروء

قوله ( ثم أدخل يده في التور فمضمض ) فيه حذف تقديره : ثم أخرجها فمضمض ، وقد صرح به مسلم في روايته .

قوله ( واستنثر ) قد مر تفسير الاستنثار هناك .

فإن قلت : لم لم يذكر الاستنشاق ؟ قلت : الاستنثار مستلزم للاستنشاق ; لأنه إخراج الماء من الأنف هكذا . قاله الكرماني .

قلت : لا يتأتى هذا على قول من يقول : الاستنثار والاستنشاق واحد ، فعلى قول هذا يكون هذا من باب الاكتفاء أو الاعتماد على الرواية الأخرى .

قوله ( من غرفة واحدة ) حال من الضمير الذي في مضمض ، والمعنى مضمض ثلاث مرات واستنثر ثلاث مرات ، حال كونه مغترفا بغرفة واحدة ، وهو أحد الوجوه الخمسة للشافعية .

وقال بعضهم : قوله ( من غرفة واحدة ) يتعلق بقوله ( فمضمض واستنثر ) ، والمعنى : جمع بينهما بثلاث مرات من غرفة واحدة ، كل مرة بغرفة .

قلت : يكون الجميع ثلاث غرفات ، والتركيب لا يدل على هذا ، وهو يصرح بغرفة واحدة ، نعم جاء في حديث عبد الله بن زيد : بثلاث غرفات ، وفي رواية أبي داود ومسلم : فمضمض واستنشق من كف واحدة ، يفعل ذلك ثلاثا . يعني يفعل المضمضة والاستنشاق كل مرة منهما بغرفة ، فتكون المضامض الثلاث والاستنشاقات الثلاث بثلاث غرفات ، وهو أحد الوجوه للشافعية ، وهو الأصح عندهم .

قوله ( فغسل وجهه ثلاث مرات ) لفظ ثلاث مرات متعلق بالفعلين ، أي اغترف ثلاثا ، فغسل ثلاثا ، وهو على سبيل تنازع العاملين ، وذلك لأن الغسل ثلاثا لا يمكن باغتراف واحد .

قوله ( فأدبر بيديه وأقبل ) احتج به الحسن بن حي على أن البداءة بمؤخر الرأس ، والجواب : أن الواو لا تدل على الترتيب ، وقد سبقت الرواية بتقديم الإقبال ، حيث قال : فأقبل بيده وأدبر بها ، وإنما اختلف فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم في التأخير والتقديم ليري أمته السعة في ذلك ، والتيسير لهم .

قوله ( فقال ) أي عبد الله بن زيد .

التالي السابق


الخدمات العلمية