صفحة جزء
2124 1 - حدثنا عمرو بن زرارة قال : أخبرنا إسماعيل بن علية قال : أخبرنا ابن أبي نجيح ، عن عبد الله بن كثير ، عن أبي المنهال ، عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال : قدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المدينة والناس يسلفون في الثمر العام والعامين ، أو قال : عامين أو ثلاثة ، شك إسماعيل ، فقال : من سلف في تمر فليسلف في كيل معلوم ووزن معلوم .


مطابقته للترجمة ظاهرة .

( ذكر رجاله ) وهم ستة : الأول : عمرو بفتح العين ، ابن زرارة بضم الزاي وتخفيف الراءين بينهما ألف وفي آخره هاء ، ابن واقد أبو محمد ، مر في سترة الصلاة . الثاني : إسماعيل بن علية ، بضم العين وفتح اللام المهملة وتشديد الياء آخر الحروف ، وهو إسماعيل بن إبراهيم بن سهم الأسدي ، وعلية اسم أمه مولاة لبني أسد . الثالث : عبد الله بن أبي نجيح ، بفتح النون وكسر الجيم وبالحاء المهملة ، واسمه يسار ضد اليمين . الرابع : عبد الله بن كثير ضد قليل ، المقرئ أحد القراء السبعة ، وبه جزم القابسي وعبد الغني والمزي ، وقال الكلاباذي وابن طاهر الدمياطي : هو عبد الله بن كثير بن المطلب بن أبي وداعة السهمي ، كلاهما ثقة . الخامس : أبو المنهال ، بكسر الميم وسكون النون ، عبد الرحمن بن مطعم الكوفي ، ولا يشتبه عليك بأبي المنهال سيار البصري . السادس : عبد الله بن عباس .

( ذكر لطائف إسناده ) فيه التحديث بصيغة الجمع في موضع ، وبصيغة الإخبار كذلك في موضعين ، وفيه العنعنة في ثلاثة مواضع ، وفيه القول في موضع ، وفيه أن شيخه نيسابوري ، وهو شيخ مسلم أيضا ، وأن إسماعيل بصري ، وابن أبي نجيح وعبد الله بن كثير سواء كان هو المقرئ أو ابن المطلب مكيون ، وعبد الله بن كثير بن المطلب ليس له في البخاري إلا هذا الحديث ، وذكر له مسلم حديثا آخر في الجنائز رواه عنه ابن جريج ، وكذلك ليس لعبد الله بن كثير المقرئ غير هذا الحديث ، وليس لأحد من القراء السبعة رواية إلا لهذا ، ولابن أبي النجود في المبايعة ، ووقع في المدونة عبد الله بن أبي كثير ، وهو غلط ، وصوابه حذف أبي .

( ذكر تعدد موضعه ومن أخرجه غيره ) أخرجه البخاري أيضا في السلم عن محمد ، وعن صدقة بن الفضل ، وعلي بن عبد الله وقتيبة ، فرقهم ثلاثتهم عن سفيان بن عيينة ، وعن أبي نعيم ، وقال عبد الله بن الوليد : كلاهما عن سفيان الثوري ، وأخرجه مسلم أيضا في البيوع عن يحيى بن يحيى وعمرو بن محمد الناقد ، كلاهما عن سفيان بن عيينة به ، وعن أبي بكر بن أبي [ ص: 62 ] شيبة ، وإسماعيل بن سالم ، كلاهما عن إسماعيل بن علية به ، وعن أبي كريب وابن أبي عمر ، كلاهما عن وكيع ، وعن محمد بن بشار عن عبد الرحمن بن مهدي ، كلاهما عن الثوري به ، وعن شيبان بن فروخ ، وأخرجه أبو داود فيه عن النفيلي ، وأخرجه الترمذي فيه عن أحمد بن منيع ، وأخرجه النسائي فيه ، وفي الشروط عن قتيبة ، وأخرجه ابن ماجه في التجارات عن هشام بن عمار ، أربعتهم عن سفيان بن عيينة .

( ذكر معناه ) قوله : والناس يسلفون الواو فيه للحال ، ويسلفون بضم الياء من أسلف . قوله : العام بالنصب على الظرفية . قوله : شك إسماعيل ، وهو إسماعيل بن علية ولم يشك سفيان ، فقال : وهم يسلفون في التمر السنتين والثلاث ، ويأتي في الباب الذي يليه ، وقال بعضهم : وقوله السنتين منصوب إما على نزع الخافض ، أو على المصدر . قلت : هذا غلط لا يخفى ، ومن مس شيئا ما من العربية لا يقول هذا ، ولكن لو بين وجهه لكان له وجه ، وهو أن يقال : التقدير في وجه نزع الخافض إلى السنة ، والتقدير في وجه النصب على المصدر أن يقال : إسلاف السنة ، فالإسلاف مصدر منصوب ، فلما حذف قام المضاف إليه مقامه ، فافهم .

قوله : من سلف في تمر بتشديد اللام في رواية ابن علية ، وفي رواية ابن عيينة : من أسلف في شيء وهذه أشمل . قوله : في تمر بالتاء المثناة من فوق ، ويروى بالثاء المثلثة . قوله : ووزن الواو بمعنى "أو" ، أي : أو في وزن معلوم ، والمراد : اعتبار الكيل فيما يكال ، واعتبار الوزن فيما يوزن .

( ذكر ما يستفاد منه ) فيه اشتراط تعيين الكيل فيما يسلم فيه من المكيلات ، واشتراط الوزن فيما يوزن من الموزونات لاختلاف المكاييل والموزونات ، إلا أن يكون في بلد ليس فيه إلا كيل واحد ووزن واحد ، فإنه ينصرف إليه عند الإطلاق ، ولا خلاف في اشتراط تعيين الكيل فيما يسلم فيه من المكيل ، كصاع الحجاز ، وقفيز العراق ، وإردب مصر ، بل مكاييل هذه البلاد في أنفسها مختلفة ، فلا بد من التعيين ، وعن هذا قال ابن حزم : لا يجوز السلم إلا في مكيل أو موزون فقط ، ولا يجوز في مذروع ، ولا في معدود ، ولا شيء غير ما ذكر في النص . وكأنه قصر السلم على ما ذكر في الحديث ، وليس كذلك ، بل السلم يجوز فيما لا يكال ولا يوزن ، ولكن لا بد فيه من صفة الشيء المسلم فيه ويدخل في قوله : كيل معلوم ووزن معلوم إذ العلم بهما يستلزمه .

والأصل فيه عندنا أن كل شيء يمكن ضبط صفته ومعرفة مقداره جاز السلم فيه ، كمكيل وموزن ومذروع ومعدود متقارب ، كالجوز والبيض ، وعند زفر : لا يجوز في المعدود عند تفاوت آحاده . وقال الشافعي : لا يصح إلا وزنا . وفي الروضة : ويجوز السلم في الجوز واللوز وزنا إذا لم تختلف قشوره غالبا ، ويجوز كيلا على الأصح ، وكذا الفستق والبندق ، وأما البطيخ والقثاء والبقول والسفرجل والرمان والباذنجان والنارنج والبيض ، فالمعتبر فيها الوزن ، انتهى ، وبه قال أحمد .

وفي حاوي الحنابلة : ولا يسلم في معدود مختلف من حيوان وغيره ، وعنه يصح وزنا في غير الحيوان كالفلوس إن جاز السلم فيها ، وعنه عددا ، وقيل في المتقارب كجوز وبيض عددا ، وفي المتفاوت كفاكهة وبقل وزنا ، انتهى .

ومذهب مالك ما ذكره في الجواهر ، ويكفي العدد في المعدودات ، ولا يفتقر إلى الوزن إلا أن يتفاوت آحاده تفاوتا يقتضي اختلاف أثمانها ، فلا يكفي فيها حينئذ مجرد العدد والمعدود ، كالبيض والباذنجان والرمان ، وكذا الجوز واللوز إن جرت عادة بيعه بالعدد ، وكذا اللبن ، وكذا البطيخ إذا كان متفاوتا غير بين التفاوت ، وكذلك جميع ما يشبه ما ذكرنا ، انتهى .

وأما الفلوس فيجوز السلم فيها عند أبي حنيفة وأبي يوسف ، وقال محمد : لا يجوز ، وبه قال مالك وأحمد في رواية ، وعن أحمد : يجوز وزنا ، وعنه عددا ، وعن الشافعي قولان في سلم الفلوس ، وأما السلم في الدراهم والدنانير ، فإن أسلم فيهما ، قيل : يكون باطلا ، وقيل : ينعقد بيعا بثمن مؤجل معناه إذا أسلم في الدراهم ثوبا مثلا ، والأول أصح ، وعند الشافعي القول الثاني هو الأصح ، وقال النووي : اتفق أصحابنا على أنه لا يجوز إسلام الدراهم في الدنانير ، ولا عكسه سلما مؤجلا ، وفي الحال وجهان الأصح المنصوص في الأم أنه لا يصح ، والثاني يصح بشرط قبضها في المجلس .

التالي السابق


الخدمات العلمية