صفحة جزء
2141 ( وقول الله تعالى : إن خير من استأجرت القوي الأمين ) .


وقول الله بالجر عطف على قوله في استئجار الرجل الصالح ، وفي رواية أبي ذر : وقال الله تعالى : إن خير من استأجرت الآية ، وقال مقاتل بن سليمان في تفسيره : هذا قول صفوراء ابنة شعيب - عليه السلام - وهي التي تزوجها موسى - عليه السلام - ، وكانت توءمة عبوراء ، ولدت صفوراء قبلها بنصف يوم ، وكان بين المكان الذي سقى فيه الغنم وبين شعيب ثلاثة أميال ، فمشى معها ، وأمرها أن تمشي خلفه وتدله على الطريق ; كراهية أن ينظر إليها ، وهما على غير جادة ، فقال شعيب لابنته : من أين علمت قوته وأمانته ؟ فقالت : أزال الحجر عن رأس البئر وكان لا يطيقه إلا رجال ، وقيل : أربعون رجلا ، وذكرت أنه أمرها أن تمشي خلفه كراهة أن ينظر إليها ، وسأوضح لك هذه القصة حتى تقف على حقيقتها مع اختصار غير مخل .

لما قتل موسى القبطي ، كما أخبر الله تعالى في القرآن ، فوكزه موسى فقضى عليه ، فأصبح في المدينة خائفا يترقب الأخبار ، وأمر فرعون الذباحين بقتل موسى ، فجاءه رجل من شيعته يقال له خربيل ، وكان قد آمن بإبراهيم - عليه الصلاة والسلام - ، وصدق موسى - عليه الصلاة والسلام - ، وكان ابن عم فرعون ، وقال له : إن الملأ يأتمرون بك أي يتشاورون في قتلك ، فاخرج من هذه المدينة إني لك من الناصحين ، فخرج ولم يدر أين يذهب فجاءه ملك ودله على الطريق فهداه إلى مدين وبينها وبين مصر مسيرة ثمانية أيام ، وقيل : عشرة ، وكان يأكل من ورق الشجر ويمشي حافيا حتى ورد ماء مدين ، ونزل عند البئر ، وإذا بجنبه أمة من الناس يسقون ، ووجد من دونهم امرأتين تذودان ، أي تمنعان أغنامهما عن الاختلاط بأغنام الناس ، فقال لهما : ما خطبكما قالتا لا نسقي حتى يصدر الرعاء لأنا ضعفاء لا نقدر على مزاحمتهم وأبونا شيخ كبير تعنيان شعيبا - عليه السلام - والمشهور عند الجمهور أنه شعيب النبي - عليه السلام - وقيل : إنه ابن أخي شعيب ، ذكره أحمد في تفسيره ، وذكر السهيلي أن شعيبا هو شيرون بن ضيفون بن مدين بن إبراهيم - عليه السلام - ويقال : شعيب بن ملكاين ، وقيل : شيرون ابن أخي شعيب ، وقيل : ابن عم شعيب ، وقال وهب : اسم ابنته الكبرى صفوراء ، واسم الصغرى عبوراء ، وقيل : اسم أحديهما شرفا ، وقيل : ليا ، والمقصود لما جاء إلى شعيب بعد أن فعل ما ذكرنا قص عليه القصص ، قال : لا تخف نجوت من القوم الظالمين و قالت إحداهما وهي صفوراء يا أبت استأجره إن خير من استأجرت القوي الأمين فقال لها شعيب : وما علمك بهذا ؟ فأخبرت بالذي فعله موسى - عليه السلام - فعند ذلك قال شعيب : إني أريد أن أنكحك إحدى ابنتي هاتين إلى آخر الآية ، وكان في شرعهم يجوز تزويج المرأة على رعي الغنم ، وأما في شرعنا ففيه خلاف مشهور ، وقال موسى : ذلك بيني وبينك الآية .

التالي السابق


الخدمات العلمية