صفحة جزء
2146 6 - ( حدثنا يعقوب بن إبراهيم قال : حدثنا إسماعيل بن علية قال : أخبرنا ابن جريج قال : أخبرني عطاء عن صفوان بن يعلى ، عن يعلى بن أمية - رضي الله عنه - قال : غزوت مع النبي - صلى الله عليه وسلم - جيش العسرة ، فكان من أوثق أعمالي في نفسي ، فكان لي أجير ، فقاتل إنسانا فعض أحدهما إصبع صاحبه ، فانتزع أصبعه فأندر ثنيته فسقطت ، فانطلق إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فأهدر ثنيته ، وقال : أفيدع إصبعه في فيك تقضمها ؟ قال : أحسبه قال : كما يقضم الفحل ) .


مطابقته للترجمة في قوله : فكان لي أجير .

( ذكر رجاله ) وهم ستة ، الأول : يعقوب بن إبراهيم بن كثير الدورقي ، الثاني : إسماعيل بن علية بضم العين المهملة وفتح اللام وتشديد الياء آخر الحروف ، وعلية اسم أمه ، وهو إسماعيل بن إبراهيم بن سهم بن مقسم الأسدي ، الثالث : عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج ، الرابع : عطاء بن أبي رباح ، الخامس : صفوان بن يعلى بن أمية التميمي ، أو التيمي حليف لقريش ، السادس : يعلى بفتح الياء آخر الحروف وسكون العين المهملة وفتح اللام مقصورا ، ابن أمية ، بضم الهمزة وفتح الميم وتشديد الياء آخر الحروف ، ويقال له : ابن منية ، بضم الميم وسكون النون وفتح الياء آخر الحروف ، وهو اسم أمه ، والأول اسم أبيه أبو صفوان .

( ذكر لطائف إسناده ) فيه التحديث بصيغة الجمع في موضعين ، وفيه الإخبار كذلك في موضع وبصيغة الإفراد في موضع ، وفيه العنعنة في موضعين ، وفيه القول في موضعين ، وفيه أن شيخه بغدادي ، وإنما قيل له الدورقي لأنه وأقاربه كانوا يلبسون قلانس تسمى الدورقية فنسبوا إليها ، وليسوا من بلد دورق ، وإسماعيل بصري ، والبقية كلهم مكيون ، وفيه رواية التابعي عن التابعي عن الصحابي ، وفيه عن عطاء عن صفوان ، وفي رواية همام الماضية في الحج حدثني صفوان بن يعلى .

[ ص: 84 ] ( ذكر تعدد موضعه ومن أخرجه غيره ) أخرجه البخاري أيضا في الجهاد عن عبد الله بن محمد ، عن سفيان بن عيينة ، وفي المغازي عن عبيد الله بن سعيد ، وفي الديات مختصرا عن أبي عاصم أربعتهم عن ابن جريج ، عن عطاء عنه به ، وأخرجه مسلم في الحدود عن عمرو بن زرارة ، وعن أبي بكر بن أبي شيبة ، وعن شيبان بن فروخ ، وعن ابن المثنى وابن بشار وعن أبي غسان ، وأخرجه أبو داود في الديات عن مسدد عن يحيى بن سعيد عن ابن جريج ، وأخرجه النسائي في القصاص ، وعن عبد الجبار وإسحاق بن إبراهيم فرقهما ، وعن عبد الجبار ، وعن إسحاق بن إبراهيم أيضا ، وعن أبي بكر بن إسحاق .

( ذكر معناه ) قوله : " جيش العسرة " بضم العين المهملة وسكون السين المهملة وهي غزوة تبوك ، وتعرف أيضا بالفاضحة ، وقيل لها : العسرة ; لأن الحر كان فيها شديدا والجدب كثيرا ، وحين طابت الثمار ، وكان الناس يحبون المقام في ثمارهم وظلالهم ، وكانت في رجب ، قال ابن سعد : يوم الخميس ، وقال ابن التين : خرج في أول يوم من رجب ، ورجع في سلخ شوال ، وقيل : رمضان من سنة تسع من الهجرة ، قوله : " فكان من أوثق أعمالي في نفسي " أي مكان الغزو من أحكم أعمالي في نفسي وأقواها اعتمادا عليه ، ويؤخذ منه ذكر الرجل الصالح عمله .

قوله : " فكان لي أجير " وهو الذي يخدم بالأجرة ، قوله : " فقاتل " أي الأجير إنسانا ، ووقع في رواية مسلم " أن يعلى قاتل رجلا " قال مسلم : حدثنا محمد بن المثنى وابن بشار ، واللفظ لابن المثنى ، قالا : حدثنا محمد بن جعفر حدثنا شعبة ، عن قتادة ، عن زرارة ، عن عمران بن حصين ، قال : قاتل يعني ابن منية أو ابن أمية رجلا فعض أحدهما صاحبه فانتزع يده من فيه فنزع ثنيته ، وقال ابن المثنى : ثنيتيه ، فاختصما إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال : " يعض أحدكم كما يعض الفحل لا دية لك " ، وقال القرطبي : ورواية البخاري " أن أجيرا ليعلى " هو الأولى إذ لا يليق بيعلى مع جلالته وفضله ذلك الفعل ، وقال النووي : الصحيح المعروف فيما قاله الحفاظ أنه أجير يعلى لا يعلى ، ويحتمل أنهما قضيتان جرتا ليعلى ولأجيره في وقت أو في وقتين ، انتهى ، قوله : " يده " ، ويروى : " ذراعه " ، قوله : " إصبع صاحبه " في الإصبع تسع لغات ، والعاشر أصبوع ، قوله : " فأندر ثنيته " أي أسقطها بجذبه ، والثنية مقدم الأسنان ، وللإنسان أربع ثنايا ثنتان من فوق ، وثنتان من أسفل ، قوله : " أفيدع " الهمزة فيه للاستفهام على سبيل الإنكار، قوله : " فيقضمها " بفتح الضاد المعجمة من القضم ، وهو الأكل بأطراف الأسنان يقال : قضمت الدابة شعيرها بالكسر تقضمه ، وفي الواعي أصل القضم الدق والكسر ولا يكون إلا في الشيء الصلب وماضيه على ما ذكره ثعلب بكسر العين ، وحكى ثابت وابن طلحة فتح العين ، وقال ابن التين : القضم هو الأكل بأدنى الأضراس ، قوله : " الفحل " الذكر من الإبل ونحوه .

( ذكر ما يستفاد منه ) وبه احتج أبو حنيفة والشافعي في آخرين في أن المعضوض إذا جبذ يده ، فسقطت أسنان العاض أو فك لحييه فلا ضمان عليه ، وقال الشافعي : إذا صال الفحل على رجل فدفعه فأتى عليه لم يلزمه قيمته ، وعند مالك يضمن المعضوض ، قال القرطبي : لم يقل أحد بالقصاص في ذلك فيما علمت ، وإنما الخلاف في الضمان فأسقطه أبو حنيفة وبعض أصحابنا ، وضمنه الشافعي وهو مشهور مذهب مالك ، قال : ونزل بعض أصحابنا القول بالضمان على ما إذا أمكنه نزع يده برفق فانتزعها بعنف ، وحمل بعض أصحابنا الحديث على أنه كان متحرك الثنايا ، وقال أبو عبد الملك : لم يصح الحديث عند مالك .

وفيه استئجار الأجير للخدمة وكفاية مؤنة العمل في الغزو وغيره سواء ، وأما القتال فلا يستأجر عليه لأن على كل مسلم أن يقاتل حتى تكون كلمة الله هي العليا .

التالي السابق


الخدمات العلمية