صفحة جزء
2170 ( باب قول الله تعالى : والذين عقدت أيمانكم فآتوهم نصيبهم ) .


أي هذا باب في بيان معنى قول الله تعالى ( والذين عقدت أيمانكم ) ، وكأنه أشار بهذه الترجمة إلى أن الكفالة التزام بغير عوض تطوعا ، فتلزم كما لزم استحقاق الميراث بالحلف الذي وجد على وجه التطوع ، وأول الآية ولكل جعلنا موالي مما ترك الوالدان والأقربون والذين عقدت أيمانكم فآتوهم نصيبهم إن الله كان على كل شيء شهيدا قال ابن عباس ، ومجاهد ، وسعيد بن جبير ، وأبو صالح ، وقتادة ، وزيد بن أسلم ، والسدي ، والضحاك ، ومقاتل بن حيان : ولكل جعلنا موالي أي ورثة ، وعن ابن عباس في رواية : أي عصبة ، وقال ابن جرير : العرب تسمي ابن العم مولى ، وقال الزجاج : المولى كل من يليك وكل من والاك في محبة فهو مولى لك ، قلت : لفظ المولى مشترك يطلق على معان كثيرة ، يطلق على المنعم ، والمعتق ، والمعتق ، والجار ، والناصر ، والصهر ، والرب ، والتابع ، وزاد ابن الباقلاني في ( مناقب الأئمة ) : المكان والقرار ، وأما بمعنى الولي فكثير ، ولا يعرف في اللغة بمعنى الإمام .

قوله : ( والذين عاقدت أيمانكم ) قال البخاري في التفسير : عاقدت هو مولى اليمين ، وهو الحلف ، وذكر ابن أبي حاتم عن سعيد بن المسيب والحسن البصري وجماعة آخرين : أنهم الحلفاء ، وقال عبد الرزاق : أنبأنا الثوري عن منصور عن مجاهد في قوله ( والذين عقدت أيمانكم ) قال : كان هذا حلفا في الجاهلية ، قوله : ( عاقدت ) من المعاقدة ، مفاعلة من عقد الحلف ، وقرئ عقدت ، هو حلف الجاهلية كانوا يتوارثون به ، ونسخ بآية المواريث ، وفي ( تفسير ) عبد بن حميد من حديث موسى بن عبيدة عن عبد الله بن عبيدة : العقد خمسة ، عقدة النكاح ، وعقدة الشريك لا يخونه ولا يظلمه ، وعقدة البيع ، وعقدة العهد ، قال الله - عز وجل - : أوفوا بالعقود وعقدة الحلف ، قال الله - عز وجل - : ( والذين عقدت أيمانكم ) ، وفي ( تفسير ) مقاتل : كان الرجل يرغب في الرجل فيحالفه ويعاقده على أن يكون معه وله من ميراثه كبعض ولده ، فلما نزلت آية المواريث جاء رجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فذكر له ذلك ، فنزلت ( والذين عقدت أيمانكم ) الآية ، يعني أعطوهم الذي سميتم له من المواريث ، وعن عكرمة ( والذين عقدت أيمانكم ) الآية ، كان الرجل يحالف الرجل ليس بينهما نسب فيرث أحدهما [ ص: 118 ] الآخر ، فنسخ ذلك في الأنفال وأولو الأرحام بعضهم أولى ببعض ، وفي رواية أحمد أنها نزلت في أبي بكر وابنه عبد الرحمن - رضي الله تعالى عنهما - حين أبى الإسلام ، فحلف أبو بكر أن لا يورثه ، فلما أسلم أمره الله - عز وجل - أن يورثه نصيبه ، وقال أبو جعفر النحاس : الذي يجب أن يحمل عليه حديث ابن عباس المذكور في الباب أن يكون : ولكل جعلنا موالي ، ناسخا لما كانوا يفعلونه ، وأن يكون : والذين عاقدت أيمانكم ، غير ناسخ ولا منسوخ ، وقال الحسن وقتادة : أنها منسوخة ، ومثله يروى عن ابن عباس ، وممن قال أنها محكمة مجاهد ، وسعيد بن جبير ، وبه قال أبو حنيفة ، وقال : هذا الحكم باق غير منسوخ ، وجمع بين الآيتين ، بأن جعل أولي الأرحام أولى من أولياء المعاقدة ، فإذا فقد ذوو الأرحام ورث المعاقدون ، وكانوا أحق به من بيت المال ، قوله : " إن الله كان على كل شيء شهيدا يعني أن الله شاهد بينكم في تلك العهود والمعاقدات ولا تنشؤا بعد نزول هذه الآية معاقدة .

التالي السابق


الخدمات العلمية