صفحة جزء
2201 باب قطع الشجر والنخل


أي هذا باب في بيان حكم قطع الشجر والنخيل ، ولم يذكر حكمه اكتفاء بما في الحديث وحكمه أنه يجوز إذا كان القطع لمصلحة مثل إنكاء العدو ونحوه . وروى الترمذي من حديث سعيد بن جبير - رضي الله تعالى عنهما - في قول الله تعالى : ما قطعتم من لينة أو تركتموها قائمة على أصولها قال اللينة : النخلة وليخزي الفاسقين قال استنزلوهم من حصونهم ، قال : وأمروا بقطع النخل ، فحك في صدورهم ، قال المسلمون : قد قطعنا بعضا وتركنا بعضا ، فلنسألن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هل لنا فيما قطعنا من أجر ، وهل علينا فيما تركنا من وزر ، فأنزل الله عز وجل : ما قطعتم من لينة الآية ، ويأتي عن البخاري الآن من حديث ابن عمر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حرق نخل بني النضير وقطع وهي البويرة . وقال الترمذي : وذهب قوم من أهل العلم إلى هذا الحديث ، ولم يروا بأسا بقطع الأشجار وتخريب الحصون ، وكره بعضهم ذلك ، وهو قول الأوزاعي ، قال الأوزاعي : نهى أبو بكر الصديق رضي الله تعالى عنه أن يقطع شجرا مثمرا ، أو يخرب عامرا ، وعمل بذلك المسلمون بعده . وقال الشافعي : لا بأس بالتحريق في أرض العدو وقطع الأشجار والثمار . وقال أحمد : وقد يكون في مواضع لا يجدون منه بدا ، فأما بالعبث ، فلا يحرق . وقال إسحاق : التحريق سنة إذا كان إنكاء فيهم ، انتهى كلام الترمذي ، وذكر بعض أهل العلم أنه - صلى الله تعالى عليه وسلم - قطع نخلهم ليغيظهم بذلك ونزل في ذلك وليخزي الفاسقين فكان قطع النخل وعقر الشجر خزيا لهم ، وحكى النووي في شرح مسلم ما حكاه الترمذي ، عن الشافعي أنه مذهب الجمهور والأئمة الأربعة . وقال ابن بطال : ذهب طائفة إلى أنه إذا رجى أن يصير البلد للمسلمين ، فلا بأس أن يترك ثمارهم . ( فإن قلت ) : روى النسائي من حديث عبد الله بن حبشي قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " من قطع سدرة صوب الله رأسه في النار " ، وعن عروة مرفوعا نحوه مرسلا . ( قلت ) : كان عروة يقطعه من أرضه ، ويحمل الحديث على تقدير صحته ، أنه أراد سدر مكة . وقيل : صدر المدينة ; لأنه أنس وظل لمن جاءهما ، ولهذا كان عروة يقطعه من أرضه لا أنه كان يقطعه من الأماكن التي يستأنس بها ولا يستظل الغريب بها هو وبهيمته .

التالي السابق


الخدمات العلمية