صفحة جزء
2241 باب لا حمى إلا لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم


أي هذا باب في بيان حكم قول النبي صلى الله تعالى عليه وسلم " لا حمى إلا لله ولرسوله " وعقد هذه الترجمة بلفظ حديث الباب من غير زيادة عليه ، والحمى بكسر الحاء وفتح الميم بلا تنوين مقصور ، وفي المغرب : الحمى موضع الكلإ يحمى من الناس [ ص: 213 ] ولا يرعى ولا يقرب ، وفي الصحاح : حميته حماية أي دفعت عنه ، وهذا شيء حمى على فعل أي محظور لا يقرب ، قلت : دل هذا أن لفظ حمى اسم غير مصدر وهو على وزن فعل بكسر الفاء بمعنى مفعول أي محمي محظور هذا معناه اللغوي ، ومعناه الاصطلاحي ما يحمي الإمام من الموات لمواش يعينها ويمنع سائر الناس من الرعي فيها ، وقال ابن الأثير : قيل : كان الشريف في الجاهلية إذا نزل أرضا في حيه استعوى كلبا فحمى مدى عواء الكلب لا يشرك فيه غيره ، وهو يشارك القوم في سائر ما يرعون فيه ، فنهى النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك ، وأضاف الحمى إلى الله ورسوله إلا ما يحمى للخيل التي ترصد للجهاد والإبل التي يحمل عليها في سبيل الله وإبل الزكاة وغيرها ، كما حمى عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه النقيع بالنون لنعم الصدقة والخيل المعدة في سبيل الله ، قيل : فيه نظر من حيث إن الملوك والأشراف كانوا يحمون بما شاؤوا فلم يحك أحد أنهم كانوا يحمون بالكلب إلا ما نقل عن وائل بن ربيعة التغلبي ، فغلبت عليه اسم كليب لأنه حمى الحمى بعواء كلب كان يقطع يديه ويدعه وسط مكان يريده فأي موضع بلغ عواؤه لا يقربه أحد ، وبسببه كانت حرب البسوس المشهورة ، وقال ابن بطال : أصل الحمى المنع يعني لا مانع لما لا مالك له من الناس من أرض أو كلأ إلا الله ورسوله ، قال : وذكر ابن وهب أن النقيع الذي حماه سيدنا رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم قدره ميل في ثمانية أميال ، والنقيع بالنون المفتوحة والقاف المكسورة بعدها ياء آخر الحروف ساكنة وفي آخره عين مهملة على عشرين فرسخا من المدينة ، وقيل : على عشرين ميلا ومساحته بريد في بريد ، قال ياقوت : وهو غير نقيع الخضمات الذي كان عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه حماه ، وعكس ذلك أبو عبيد البكري ، وزعم الخطابي أن من الناس من يقوله بالباء الموحدة وهو تصحيف ، والأصل في النقيع أنه كل موضع يستنقع فيه الماء ، وزعم ابن الجوزي أن بعضهم ذهب إلى أنهما واحد والأول أصح .

التالي السابق


الخدمات العلمية