صفحة جزء
2241 18 - حدثنا يحيى بن بكير ، قال : حدثنا الليث ، عن يونس ، عن ابن شهاب ، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة ، عن ابن عباس رضي الله عنهما أن الصعب بن جثامة قال : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : لا حمى إلا لله ولرسوله .


الحديث عين الترجمة فلا مطابقة أقوى من هذا ، ورجاله سبعة ، كلهم قد ذكروا ويونس بن يزيد الأيلي والصعب ضد السهل ابن جثامة بفتح الميم وتشديد الثاء المثلثة الليثي مر في جزاء الصيد ، ورواية الليث عن يونس من الأقران لأن الليث قد سمع من شيخه ابن شهاب أيضا ، وفي هذا الإسناد تابعيان ابن شهاب وعبيد الله ، وصحابيان عبد الله بن عباس والصعب بن جثامة .

وهذا الحديث من أفراده ، ووقع في الإلمام للشيخ تقي الدين القشيري أنه من المتفق عليه وهو وهم بل ربما يكون من الناسخ ، وأخرجه البخاري أيضا في الجهاد عن علي بن عبد الله عن سفيان ، وأخرجه أبو داود في الخراج عن ابن السرح عن ابن وهب عن يونس به ، وأخرجه النسائي في الحمى ، وفي السير عن أبي كريب عن ابن إدريس عن مالك عن ابن شهاب .

قوله " لا حمى إلا لله ولرسوله " أي لا حمى لأحد يخص نفسه يرعى فيه ماشيته دون سائر الناس وإنما هو لله ولرسوله ولمن ورد ذلك عنه من الخلفاء بعده إذا احتاج إلى ذلك لمصلحة المسلمين ، كما فعل الصديق والفاروق وعثمان لما احتاجوا إلى ذلك ، وعاب رجل من العرب عمر رضي الله تعالى عنه ، فقال : بلاد الله حميت لمال الله ، وأنكر أيضا على عثمان أنه زاد في الحمى وليس لأحد أن ينكر ذلك لأنه صلى الله عليه وسلم قد تقدم إليه ولخلفائه الاقتداء به والاهتداء ، وإنما يحمي الإمام ما ليس بملك لأحد مثل بطون الأودية والجبال والموات وإن كان ينتفع المسلمون بتلك المواضع فمنافعهم في حماية الإمام أكثر ، وقال ابن التين معنى الحديث لا حمى إلا على ما أذن الله لرسوله أن يحميه لا ما كان يحميه العرب في الجاهلية ، قيل : الأرجح عند الشافعية أن الحمى مختص بالخليفة ومنهم من ألحق به ولاة الأقاليم ، وقال بعضهم : استدل به الطحاوي لمذهبه في اشتراط إذن الإمام في إحياء الموات ، وتعقب بالفرق بينهما فإن الحمى أخص من الإحياء انتهى ، قلت : حصر الحمى لله ولرسوله يدل على أن حكم الأراضي إلى الإمام والموات من الأراضي ، ودعوى أخصية الحمى من الإحياء [ ص: 214 ] ممنوعة لأن كلا منهما لا يكون إلا فيما لا مالك له فيستويان في هذا المعنى .

التالي السابق


الخدمات العلمية