صفحة جزء
2258 وقال الله تعالى : إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل إن الله نعما يعظكم به إن الله كان سميعا بصيرا


ساق الأصيلي وغيره الآية كلها ، وأبو ذر اقتصر على قوله إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها واختلف المفسرون في سبب نزول هذه الآية الكريمة ، وأكثرهم على أنها نزلت في شأن عثمان بن طلحة الحجبي العبدري سادن الكعبة حين أخذ علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه مفتاح الكعبة يوم الفتح ، ذكره ابن سعد وغيره ، وقال محمد بن كعب وزيد بن أسلم وشهر بن حوشب : إنها نزلت في الأمراء يعني الحكام بين الناس ، وفي الحديث : إن الله تعالى مع الحاكم ما لم يجر فإذا جار وكله الله إلى نفسه ، وقيل : نزلت في السلطان يعظ النساء ، وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس : إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها قال يدخل فيه وعظ السلطان النساء يوم العيد ، وقال شريح رحمه الله لأحد الخصمين : أعط حقه ، فإن الله تعالى قال : إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها قال شريح : وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة إنما هذا في الربا خاصة ، وربط المديان إلى سارية ، ومذهب الفقهاء أن الآية عامة في الربا وغيره ، وقال ابن عباس : الآية عامة ، قالوا : هذا يعم جميع الأمانات الواجبة على الإنسان من حقوق الله عز وجل على عباده من الصلوات والزكوات والكفارات والنذور والصيام وغير ذلك ، فهو مؤتمن عليه ولا يطلع عليه العباد ، ومن حقوق العباد بعضهم على بعض كالودائع وغيرها مما يأتمنون فيه بعضهم على بعض ، فأمر الله تعالى بأدائها ، فمن لم يفعل ذلك في الدنيا أخذ منه ذلك يوم القيامة كما ثبت في الحديث الصحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : لتؤدن الحقوق إلى أهلها حتى يقتص للشاة الجماء من القرناء ، ثم إن البخاري أدخل الدين في الأمانة لثبوت الأمر بأدائه لأن الأمانة فسرت في الآية بالأوامر والنواهي ، فيدخل فيها جميع ما يتعلق بالذمة وما لا يتعلق ، قوله أن تحكموا بالعدل أي بأن تحكموا بالعدل ، قوله إن الله نعما يعظكم به قال الزمخشري : " نعما يعظكم به " إما أن تكون منصوبة موصوفة بــ " يعظكم به " وإما أن تكون مرفوعة موصولة كأنه قيل : نعم شيئا يعظكم به أو نعم الشيء الذي يعظكم به ، والمخصوص بالمدح محذوف أي نعم ما يعظكم به ذاك ، وهو المأمور به من أداء الأمانات والعدل في الحكم ، وقرئ " نعما " بفتح النون ، قوله إن الله كان سميعا بصيرا هما من أوصاف الذات والسمع إدراك المسموعات حال حدوثها والبصر إدراك المبصرات حال وجودها ، وقيل : إنهما في حقه تعالى صفتان تكشف بهما المسموعات والمبصرات انكشافا تاما ولا يحتاج فيهما إلى آلة لأن صفاته مخالفة لصفات المخلوقين بالذات فافهم .

التالي السابق


الخدمات العلمية