صفحة جزء
5847 - (فرغ الله عز وجل إلى كل عبد من خمس: من أجله ورزقه وأثره ومضجعه وشقي أو سعيد) (حم طب) عن أبي الدرداء
(فرغ الله عز وجل إلى كل عبد) ؛ أي: انتهى تقديره في الأزل من تلك الأمور إلى تدبير الأمر بإبدائها أو إلى بمعنى اللام (من خمس) متعلق بفرغ (من أجله) ؛ أي: عمره (ورزقه وأثره) بفتح المثلثة هي أثر مشيه في الأرض لقوله تعالى ونكتب ما قدموا وآثارهم (ومضجعه) بفتح الجيم يعني سكونه وحركته ومحل موته ومدفنه ومن ثم جمع بينهما ليشمل جميع أحواله من الحركات والسكنات (وشقي) هو (أو سعيد) فالسعادة أو الشقاوة من الكليات التي لا تقبل التغيير، قال أبو البقاء : وشقي أم سعيد، لا يجوز فيه إلا الرفع على تقدير وهو، ولو جر عطفا على ما قبله لم يجز؛ لأنه لو قلت فرغ من شقي أم سعيد لم يكن له معنى اهـ. وقال الغزالي : معنى الفراغ من ذلك أنه سبحانه لما قسم العباد قسمين وقدر لكل قسم ما ذكر، وقدر أحدهما على اليقين أن يكون من أهل الجنة، والآخر من أهل النار وعينهم تعيينا لا يقبل التغيير والتبديل؛ فقد فرغ من أمرهم فريق في الجنة وفريق في السعير والرزق لا يزيد بالطلب ولا ينقص بتركه فإنه مكتوب في اللوح المحفوظ مقدر مؤقت ولا تبديل لحكم الله ولا تغير لقسمته وكتابته لكن ما في اللوح قسمان قسم مكتوب مطلقا وقسم معلق [ ص: 429 ] بفعل العبد (تتمة) قال ابن عطاء الله: سوابق الهمم لا تخرق أسوار الأقدار أرح نفسك من التدبير، فما قام به غيرك عنك لا تقم به لنفسك

(حم طب عن أبي الدرداء) ، قال الهيثمي: أحد إسنادي أحمد رجاله ثقات اهـ. ومن ثم رمز المصنف لصحته

التالي السابق


الخدمات العلمية