صفحة جزء
324 - " أدنى أهل الجنة منزلة الذي له ثمانون ألف خادم؛ واثنتان وسبعون زوجة؛ وتنصب له قبة من لؤلؤ وزبرجد وياقوت؛ كما بين الجابية؛ وصنعاء " ؛ (حم ت حب) ؛ والضياء ؛ عن أبي سعيد ؛ (صح).


(أدنى) ؛ هذا هو لفظ رواية أحمد وغيره؛ ولفظ الترمذي : " إن أدنى..." ؛ (أهل الجنة) ؛ هو جهينة؛ وقيل: غيره؛ (منزلة) ؛ تمييز؛ أو حال؛ بتأويله بـ " نازلا" ؛ و" المنزلة" : الدرجة؛ وأصل " الدنو" : القرب في المكان؛ ثم استعير للخسة؛ كما استعير البعد للشرف والرفعة؛ (الذي) ؛ أي: الرجل؛ وعبر باسم الموصول؛ تفخيما؛ (له ثمانون ألف خادم) ؛ من الذكور؛ والإناث؛ فإن الخادم يتناول الغلام؛ والجارية؛ كما صرح به أهل اللغة؛ وهؤلاء الخدم من أولاد المشركين؛ كما يدل عليه الحديث الآتي؛ ويحتمل أن البعض منهم؛ والبعض من الولدان؛ والبعض من الحور؛ وقضية الخبر الحصر في هذا العدد؛ ويحتمل أن المراد المبالغة في الكثرة؛ على قياس ما يأتي بعده عن الغزالي؛ لكنه يبعده ذكر الاثنين؛ مع السبعين؛ في قوله؛ (واثنتان وسبعون زوجة) ؛ من الحور العين؛ كما في رواية؛ أي: غير ما له من نساء الدنيا؛ قال السمهودي: وتبين من الأحاديث أن لكل واحد من أهل الجنة زوجتين من الحور العين؛ أصالة؛ وسبعين؛ إرثا من أهل النار؛ وذلك غير أزواجه من أهل الدنيا؛ وأخذ منه أن النساء أكثر أهل الجنة؛ كما أنهن أكثر أهل النار؛ وهو ما فهمه أبو هريرة ؛ كما في الصحيحين عنه؛ لكن فيهما - مرفوعا -: " إن منكن في الجنة ليسير" ؛ وفي حديث مسلم الآتي: " أقل ساكني الجنة النساء" ؛ قال ابن القيم: فهذا يدل على أنه إنما يكن في الجنة أكثر بالحور؛ وأما نساء أهل الدنيا فأقل أهل الجنة؛ قال السمهودي: وفيه نظر لإمكان الجمع بأن المراد " إن منكن في الجنة ليسير" ؛ بالنسبة لمن يدخل النار منكن؛ لأنهن أكثر أهل النار؛ ويحمل عليه خبر عائشة ؛ أقل ساكني الجنة النساء؛ يعني بالنسبة لمن يسكن منهن النار؛ ويأتي لذلك مزيد؛ (وينصب له) ؛ في روضة من رياض الجنة؛ أو على حافة نهر الكوثر؛ كما ورد في الصحاح؛ (قبة) ؛ بضم القاف؛ وشد الموحدة؛ بيت صغير مستدير؛ (من لؤلؤ) ؛ بضم [ ص: 233 ] اللامين؛ وسكون الهمزة بينهما؛ (وزبرجد) ؛ بدال مهملة؛ كما في الصحاح؛ ولم يصب من جعله بمعجمة؛ وله منافع؛ منها أن شرب حكاكته نافع من الجذام؛ كما نقله المؤلف؛ (وياقوت) ؛ قال القاضي: يريد أن القبة معمولة منها؛ أو مكللة بها؛ وقال غيره: أراد أنها مركبة من الجواهر الثلاثة؛ وللياقوت خواص شريفة؛ منها أن التختم به؛ والتعلق؛ يمنع إصابة الطاعون؛ على التحقيق؛ وله في التفريح؛ وتقوية القلب الجريح؛ ومقاومة السموم؛ ومدافعة الغموم ما هو مشهور معلوم؛ وسعتها؛ (كما بين الجابية) ؛ قرية بالشام؛ (وصنعاء) ؛ قصبة باليمن؛ كثيرة الشجر والماء؛ تشبه دمشق؛ قيل: أول بلد بنيت بعد الطوفان؛ والمسافة بينهما أكثر من شهر؛ قال القاضي: أراد أن بعد ما بين طرفيها كما بين الموضعين؛ وهذا للمبالغة في السعة؛ وقد شنع حجة الإسلام على من زعم أن المراد الحقيقة؛ وقال: لا تظن أن المراد به تقدير بالمساحة لأطراف الأجسام؛ فإن ذلك جهل بطريق ضرب الأمثال؛ انتهى؛ وفيه دلالة على سعة الجنان الموعودة لأهل الإيمان؛ وذلك من أعظم المنن عليهم؛ إذ الروح مع السعة؛ كما أن الكرب مع الضيق؛ وكما جمع الله لأهل الجنة السعة والإغداق؛ جمع على أهل النار التضييق والإرهاق.

(حم ت) ؛ في صفة الجنة؛ واستغربه؛ (حب؛ والضياء) ؛ المقدسي ؛ (عن أبي سعيد) ؛ الخدري ؛ وفيه مقال.

التالي السابق


الخدمات العلمية