صفحة جزء
6648 - كان إذا خرج من الغائط قال: غفرانك - حم 4 حب ك) عن عائشة .


(كان إذا خرج من الغائط) في الأصل الأرض المنخفضة، ثم سمي به محل قضاء الحاجة (قال) عقب خروجه بحيث ينسب إليه عرفا فيما يظهر (غفرانك) منصور بإضمار أطلب أي أسألك أن تغفر لي وأسألك غفرانك الذي يليق إضافته إليك لما له من الكمال والجلال عما قصرت فيه من ترك الذكر حال القعود على الخلاء. قال النووي : والمراد بغفران الذنب إزالته وإسقاطه، فيندب لمن قضى حاجته أن يقول غفرانك سواء كان في صحراء أم بنيان، وظاهر الحديث أنه يقوله مرة. وقال القاضي وغيره: مرتين. وقال المحب الطبري : ثلاثا. فإن قيل: ترك الذكر على الخلاء مأمور به فلا حاجة للاستغفار من تركه. قلت: فالجواب: أن سببه من قبله فالأمر بالاستغفار مما تسبب فيه أو أنه سأل المغفرة لعجزه عن شكر النعمة حيث أطعمه ثم هضمه ثم جلب منفعته ودفع مضرته وسهل خروجه فرأى شكره قاصرا عن بلوغ هذه النعم ففزع إلى الاستغفار. وقال الحرالي : والغفران فعلان صيغة مبالغة تعطي الملاءة ليكون غفرا للظاهر والباطن لما أودعته الأنفس التي هي مظهر حكمة الله التي هي موقع مجموع الغفران والعذاب. وقال القاضي : غفرانك بمعنى المغفرة [ ص: 122 ] ونصبه بأنه مفعول به، والتقدير: أسألك غفرانك، ووجه تعقيب الخروج أنه كان مشغولا بما يمنعه من الذكر وما هو نتيجة إسراعه إلى الطعام واشتغاله بقضاء الشهوات، هذا قصارى ما وجهوا به هذا الحديث وشبهه وهو من التوجيهات الإقناعية والرأي الفصل ما أشار إليه بعض العارفين أن سر ذلك أن النجو يثقل البدن ويؤذيه باحتباسه والذنوب تثقل القلب وتؤذيه باحتباسها فيه فهما مؤذيان مضران بالبدن والقلب فحمد الله عند خروجه لخلاصه من هذه المؤذي لبدنه وخفة البدن وراحته وسأله أن يخلصه من المؤذي الآخر فيريح قلبه منه ويخففه وإسرار كلماته وأدعيته فوق ما يخطر بالبال.

(حم 4 حب ك) وكذا البخاري في الأدب المفرد، وعنه رواه الترمذي ، ووهم ابن سيد الناس حيث قال: هو أبو إسماعيل الترمذي (عن عائشة )، وصححه ابن خزيمة ، وابن حبان ، والحاكم ، وابن الجارود ، والنووي في مجموعه. وأما قول الترمذي : غريب، لا نعرفه إلا من حديث عائشة هذا، أي لا يعرف من وجه صحيح إلا من حديثها وغيره من أذكار الخروج ضعيف كما يجيء، فاعتراض مغلطاي عليه ليس في محله. ورواه البيهقي بزيادة (ربنا وإليك المصير) وقال: الأشبه أنه لا أصل لهذه الزيادة.

التالي السابق


الخدمات العلمية