صفحة جزء
342 - " إذا أتى أحدكم الغائط؛ فلا يستقبل القبلة؛ ولا يولها ظهره؛ ولكن شرقوا؛ أو غربوا " ؛ (حم ق 4) ؛ عن أبي أيوب ؛ (صح).


(إذا أتى أحدكم) ؛ وفي رواية: " إذا أتيتم" ؛ (الغائط) ؛ محل قضاء الحاجة؛ كنى به عن العذرة؛ كراهة لاسمه؛ فصار حقيقة عرفية؛ غلبت على الحقيقة اللغوية؛ (فلا يستقبل القبلة) ؛ الكعبة؛ قال القاضي: " القبلة" ؛ في الأصل: الحالة التي عليها الإنسان من الاستقبال؛ فصارت عرفا للمكان المتوجه نحوه للصلاة؛ وقال الحراني : أصل " القبلة" : ما يجعل قبالة الوجه؛ و" القبل" : ما أقبل من الجسد في مقابلة الدبر؛ لما أدبر منه؛ و" لا" ؛ هنا ناهية؛ بقرينة قوله؛ (ولا يولها) ؛ بحذف الياء؛ (ظهره) ؛ أي: لا يجعلها مقابل ظهره؛ ولمسلم: " لا يستدبرها" ؛ وزاد: " ببول؛ أو غائط" ؛ فأفاد تخصيص التحريم بحالة خروجه؛ (شرقوا؛ أو غربوا) ؛ قال الولي العراقي: ضبطناه في سنن أبي داود: " وغربوا" ؛ بغير ألف؛ وفي بقية الكتب الستة: " أو غربوا" ؛ بألف؛ ولعله من الناسخ؛ وكلاهما صحيح؛ والمعنى: توجهوا إلى جهة الشرق؛ أو الغرب؛ وفيه التفات من الغيبة إلى الخطاب؛ وهو لأهل المدينة ومن قبلتهم على سمتهم؛ كالشام؛ واليمن؛ فمن قبلته إلى المشرق؛ أو المغرب؛ ينحرف إلى الجنوب؛ أو إلى الشمال؛ وفيه دلالة على [ ص: 240 ] عموم النهي في الصحراء؛ والبنيان؛ وهو مذهب النعمان؛ وخصه مالك والشافعي بالصحراء؛ للحوق المشقة في البنيان بتكليف الانحراف عن سمت البناء؛ إذا كان موضوعا للقبلة؛ بخلاف الصحراء؛ ولما رواه الشيخان أن المصطفى - صلى الله عليه وسلم - قضى حاجته في بيت حفصة مستقبل الشام؛ مستدبر الكعبة؛ ولما رواه ابن ماجه بإسناد حسن أنه قضاها مستقبل الكعبة؛ فجمع الشافعي بين الأخبار بحمل أولها المفيد للتحريم على غير البناء؛ لأنه لا يشق فيه تجنب الاستقبال والاستدبار؛ بخلاف البنيان؛ قد يشق؛ فيحل فعله؛ كما فعله المصطفى - صلى الله عليه وسلم -؛ لبيان الجواز؛ وإن كان الأولى لنا تركه؛ ومحل الثاني إذا استتر بمرتفع ثلثي ذراع بينه وبينه ثلاثة أذرع؛ فأقل؛ بذراع الآدمي؛ ومحل الأول إذا لم يستتر بذلك؛ وهذا كله في غير المعد لذلك؛ أما فيه فلا حرمة؛ ولا كراهة.

(حم ق 4؛ عن أبي أيوب) ؛ الأنصاري ؛ بألفاظ مختلفة.

التالي السابق


الخدمات العلمية