صفحة جزء
345 - " إذا أتاكم كريم قوم؛ فأكرموه " ؛ (هـ)؛ عن ابن عمر ؛ البزار ؛ وابن خزيمة ؛ (طب عد هب) ؛ عن جرير ؛ البزار ؛ عن أبي هريرة ؛ (عد)؛ عن معاذ ؛ وأبي قتادة ؛ (ك)؛ عن جابر ؛ (طب)؛ عن ابن عباس ؛ وعن عبد الله بن ضمرة ؛ ابن عساكر ؛ عن أنس ؛ وعن عدي بن حاتم ؛ الدولابي؛ في الكنى؛ وابن عساكر ؛ عن أبي راشد عبد الرحمن بن عبد؛ بلفظ: " شريف قومه" ؛ (صح).


(إذا أتاكم كريم قومه) ؛ أي: رئيسهم المطاع فيهم؛ المعهود منهم بإكثار الإعظام؛ وإكثار الاحترام؛ (فأكرموه) ؛ برفع مجلسه؛ وإجزال عطيته؛ ونحو ذلك مما يليق به؛ لأن الله (تعالى) عوده منه ذلك؛ ابتلاء منه له؛ فمن استعمل معه غيره فقد استهان به؛ وجفاه؛ وأفسد عليه دينه؛ فإن ذلك يورث في قلبه الغل والحقد والبغضاء والعداوة؛ وذاك يجر إلى سفك الدماء؛ وفي إكرامه اتقاء شره؛ وإبقاء دينه؛ فإنه قد تعزز بدنياه؛ وتكبر وتاه؛ وعظم في نفسه؛ فإذا حقرته فقد أهلكته من حيث الدين؛ والدنيا؛ وبه عرف أنه ليس المراد بكريم القوم عالمهم؛ أو صالحهم؛ كما وهم البعض؛ ألا ترى أنه لم ينسبه في الحديث إلى علم؛ ولا إلى دين؟! ومن هذا السياق انكشف أن استثناء الكافر والفاسق؛ كما وقع لبعضهم؛ منشؤه الغفلة عما تقرر من أن الإكرام منوط بخوف محذور ديني؛ أو دنيوي؛ أو لحوق ضرر للفاعل؛ أو للمفعول معه؛ فمتى خيف شيء من ذلك شرع إكرامه؛ بل قد يجب؛ فمن قدم عليه بعض الولاة الظلمة الفسقة فأقصى مجلسه؛ وعامله معاملة الرعية؛ فقد عرض نفسه وماله للبلاء؛ فإن أوذي ولم يصبر؛ فقد خسر الدنيا؛ والآخرة؛ وقد قيل:


فدارهم ما دمت في دارهم ... وحيهم ما دمت في حيهم



[ ص: 242 ] وقال - صلى الله عليه وسلم -: " بعثت بمداراة الناس" ؛ (هب)؛ وهو ضعيف؛ ولهذا كان كثير من أكابر السلف المعروفين بمزيد الورع يقبلون جوائز الأمراء المظهرين للجور؛ ويظهرون لهم البشاشة؛ حفظا للدين؛ ورفقا بالمسلمين؛ ورحمة لذلك الظالم المبتلى المسكين؛ وهكذا كان أسلوب المصطفى - صلى الله عليه وسلم - مع المؤلفة؛ وغيرهم؛ وقد غلط في هذا الباب كثير؛ غفلة عن معرفة تدبير الله ورسوله في خلقه؛ وللجمود على ظاهر ومن يهن الله فما له من مكرم ؛ وما دروا أن السنة شرحت ذلك وبينته أحسن بيان؛ فموضع طلب إهانة الكافر والفاسق الأمن من حصول مفسدة؛ والحاصل أن الكامل إنما يكرم لله؛ ويهين لله؛ ولهذا قال بعض العارفين: ينبغي للفقير أن يكرم كل وارد عليه من الولاة؛ فإن أحدهم لم يزر الفقير حتى خلع كبرياءه؛ ورأى نفسه دونه؛ وإلا لما أتاه؛ مع كونه من رعاياه؛ قال: فمن أتانا فقيرا حقيرا أكرمناه؛ كائنا من كان؛ وإن كان ظالما؛ فنحن ظالمون لأنفسنا بالمعاصي وغيرها؛ ولو بسوء الظن؛ فظالم قام لظالم؛ وأكرمه؛ وقد كان المصطفى - صلى الله عليه وسلم - يتواضع لأكابر كفار قريش؛ ويكرمهم؛ ويرفع منزلتهم؛ لأنهم مظاهر العزة الإلهية؛ ورئي بعض الأولياء في النوم وعليه حلة خضراء؛ والأنبياء والأولياء واقفون بين يديه؛ فاستشكل ذلك الرائي؛ فقصه على بعضهم؛ قال: لا تنكره؛ فإن تأدبهم مع من ألبسه الخلعة؛ لا معه؛ ألا ترى أن السلطان إذا خلع على بعض غلمانه؛ ركب أكابر الدولة في خدمته؟! فرحم الله القائل:


رب هب لي مذلة وانكسارا ...     وأنلني تواضعا وافتقارا


وفق القلب واهده لصلاح ...     وأذقني حلاوة واصطبارا



(هـ؛ عن ابن عمر) ؛ ابن الخطاب ؛ وفيه محمد بن الصباح؛ قال في الكشاف: وثقه أبو زرعة ؛ له حديث منكر؛ ومحمد بن عجلان؛ ضعفه " خ" ؛ ووثقه غيره؛ ( البزار ) ؛ في مسنده؛ ( وابن خزيمة ) ؛ في صحيحه؛ (طب عد هب؛ عن جرير ) ؛ ابن عبد الله البجلي؛ بفتح الموحدة؛ والجيم؛ والقشيري اليماني؛ أسلم عام توفي المصطفى - صلى الله عليه وسلم -؛ وكان يحبه؛ ويكرمه؛ وكان عالي الجمال؛ حتى قال فيه عمر : " هو يوسف هذه الأمة" ؛ قال الهيتمي - عقب عزوه للطبراني -: وفيه حصين بن عمر ؛ مجمع على ضعفه؛ وسببه أن جريرا قدم على المصطفى - صلى الله عليه وسلم -؛ فبسط له رداءه؛ ثم ذكره؛ ( البزار ) ؛ في مسنده؛ (عن أبي هريرة ) ؛ قال الهيتمي: وفيه من لم أعرفه؛ انتهى؛ وفي الميزان عن ابن عدي أنه حديث منكر؛ (عد)؛ من حديث سهل؛ (عن معاذ ) ؛ ابن جبل؛ (وأبي قتادة ) ؛ الأنصاري؛ واسمه الحارث ؛ أو عمرو ؛ أو النعمان بن ربعي؛ بكسر الراء؛ وسكون الموحدة؛ السلمي ؛ بفتحتين؛ قال الهيتمي: وسهل لم يدرك معاذا ؛ وفيه أيضا عن عبد الله بن خراش؛ وثقه ابن حبان ؛ وقال: لا يخطئ؛ (ك؛ عن جابر ) ؛ عن عبد الله ؛ (طب؛ عن ابن عباس ) ؛ قال الهيتمي: وفيه إبراهيم بن يقظان؛ وكذا مالك بن الحسين بن مالك بن الحويرث؛ وفيهما ضعف؛ لكن وثق ابن حبان الأول؛ (وعن عبد الله بن ضمرة ) ؛ ابن مالك البجلي؛ قال ابن الأثير: عدوه في أهل البصرة؛ قال الهيتمي: وفيه الحسين بن عبد الله بن ضمرة ؛ وهو كذاب؛ ( ابن عساكر ) ؛ في تاريخه؛ (عن أنس ) ؛ ابن مالك وضعفه؛ وذكر فيه بيان السبب؛ وهو أنه لما دخل عدي على المصطفى - صلى الله عليه وسلم - ألقى إليه وسادة؛ وجلس هو على الأرض؛ فقال: أشهد أنك لا تبغي علوا في الأرض ولا فسادا؛ ثم أسلم؛ وفي رواية أخرى: فقيل له: يا نبي الله؛ لقد رأينا منظرا لم نره لأحد؛ فقال: " نعم؛ هذا كريم قوم؛ إذا أتاكم..." ؛ إلى آخره؛ (وعن عدي ) ؛ بفتح المهملة الأولى؛ وكسر الثانية؛ (ابن حاتم) ؛ قال ابن الأثير: عدوه في أهل فلسطين؛ وحديثه في الشاميين؛ قال ابن حجر: يقال: له رؤية؛ وفي الميزان عنه أنه منكر؛ (الدولابي) ؛ محمد بن أحمد بن حماد؛ من أهل الري؛ (في) ؛ كتاب؛ (الكنى) ؛ والألقاب؛ ( وابن عساكر ) ؛ في تاريخه؛ (عن أبي راشد؛ عن عبد الرحمن بن عبد) ؛ بغير إضافة؛ ويقال: ابن عبيد الأزدي؛ له وفادة؛ (بلفظ) : " إذا أتاكم (شريف قومه) ؛ فأكرموه" ؛ من " الشرف" ؛ وهو المكان العالي؛ فسمي الشريف " شريفا" ؛ لارتفاع منزلته؛ وعلو مرتبته على قومه؛ قال الذهبي في مختصر المدخل: طرقه كلها [ ص: 243 ] ضعيفة؛ وله شاهد مرسل؛ وحكم ابن الجوزي بوضعه؛ وتعقبه العراقي؛ ثم تلميذه ابن حجر؛ بأنه ضعيف؛ لا موضوع.

التالي السابق


الخدمات العلمية