صفحة جزء
359 - " إذا أحب أحدكم عبدا فليخبره؛ فإنه يجد مثل الذي يجد له " ؛ (هب)؛ عن ابن عمر ؛ (ض).


(إذا أحب أحدكم عبدا) ؛ أي: إنسانا؛ ولا ينفك من هذا النعت؛ قال:


وإن تسألوني قلت ها أنا عبده ... وإن تسألوه قال ذلك مولاي



فالمراد شخص من المسلمين؛ قريب؛ أو غيره؛ ذكرا؛ أو أنثى؛ لكن يظهر تقييده فيها بما إذا كانت حليلته؛ أو محرمه؛ (فليخبره) ؛ بمحبته له؛ ندبا؛ (فإنه) ؛ أي: المحبوب؛ (يجد مثل الذي يجد له) ؛ أي: يحبه بالطبع؛ لا محالة؛ كما يحبه هو؛ فإن القلب لا يحب إلا من يحبه؛ كما قال:


يقاس المرء بالمرء ...     إذا ما هو ماشاه


وللشيء على الشيء ...     مقاييس وأشباه
[ ص: 248 ] وللقلب على القلب ...     دليل حين يلقاه



وأنشد بعضهم:


سلوا عن مودات الرجال قلوبكم ...     فتلك شهود لم تكن تقبل الرشا


ولا تسألوا عنها العيون فإنها ...     تشير بشيء ضد ما أضمر الحشا



ولكون القلب يدل على القلب؛ قال الحكماء: المحبوب جزء محبوبه؛ فمن أحب إنسانا لأجل أفعاله؛ أو ذاته الجميلة؛ فذاك جمال باطنه أشرق بمرآة جمال محبوبه؛ والجمال الظاهر جزء من الجمال الباطن؛ والألفة بين المتحابين ليست إلا للاشتراك في جمال الباطن؛ أو ضده؛ ولذلك ترى من هو قبيح المنظر وتحبه؛ وترى حسن المنظر وتبغضه؛ ولله در القائل:


وإذا اعتراك الوهم في حال امرئ ...     فأردت تعرف خيره من شره


فاسأل ضميرك عن ضمير فؤاده ...     ينبيك سرك بالذي في سره



وهذا يفتح لك باب سر الفراسة الحكمية؛ ويسن أن يجيبه المخبر بقوله: " أحبك الذي أحببتني من أجله" ؛ كما جاء في الخبر المار.

(هب؛ عن ابن عمر) ؛ ابن الخطاب ؛ وفيه عبد الله بن أبي مرة؛ أورده الذهبي في الضعفاء؛ وقال: تابعي مجهول.

التالي السابق


الخدمات العلمية