صفحة جزء
7301 - لقنوا موتاكم لا إله إلا الله (حم م 4) عن أبي سعيد (م هـ) عن أبي هريرة (ن) عن عائشة. (صح)
(لقنوا) من التلقين ، وهو كالتفهيم وزنا ومعنى ، وتعديته: يقال لقنته الكلام تلقينا إذا فهمته إياه تفهيما ، ولقنت الكلام: إذا فهمته ، وغلام لقن بالكسر: سريع الفهم (موتاكم) أي من قرب من الموت ، هكذا حكى في شرح مسلم الإجماع عليه ، سماه باعتبار ما يؤول إليه مجازا ، فهو من قبيل خبر: من قتل قتيلا فله سلبه (لا إله إلا الله) فقط ، لكن لا يلح الملقن عليه به لئلا يضجر ، ولا يقول: قل لا إله إلا الله ، بل يذكرها عنده ، وليكن غير متهم كوارث وعدو وحاسد ، وإذا قالها مرة لا تعاد عليه إلا إذا تكلم بعدها ، وإنما كان تلقينها مندوبا لأنه وقت يشهد المحتضر فيه من العوالم ما لا يعهده ، فيخاف عليه الغفلة والشيطان ، وظاهره أنه لا يلقن الشهادة الثانية ، وذلك لأن القصد ذكر التوحيد ، والصورة أنه مسلم ، فلا حاجة إليها ، ومن ثم وجب تلقينهما معا للكافر ، فإن قيل: من مات مؤمنا يدخل الجنة لا محالة ، ولا بد من دخول من لم يعف عنه النار ثم يخرج ، فإذا كان الميت مؤمنا ماذا ينفعه كونها آخر كلامه ؟ قلنا: لعل كونها آخره قرينة أنه ممن [ ص: 282 ] يعفى عنه فلا يدخل النار أصلا ، أما التلقين بعد الموت وهو في القبر فقيل: يفعل لغير نبي ، وعليه أصحابنا الشافعية ، ونسب إلى أهل السنة والجماعة ، وقيل: لا يلقن ، وعليه أبو حنيفة تمسكا بأن السعيد لا يحتاج إليه ، والشقي لا ينفعه ، ولأنه جاز أن يكون مات كافرا ، ولا يجوز له دعاء واستغفار ، ورد الأول بأن السعيد يحتاج إلى تذكار ، والشقي ينفعه في الجملة ، والنص ورد فوجب القول به كجميع السمعيات ، وبالنقض بتلقين المحتضر ، والثاني أنه لا دعاء ولا استغفار إلا لمؤمن ، وقيل: هو بدعة ولا يفعل مطلقا ، لأنه إذا مات لم يحتج إليه بعد موته ، وإلا لم يفد ، لأن القصد منه الندب وقت تعرض الشيطان ، وذا لا يفيد بعد الموت ، قال الكمال: وقد يختار الشق الأول ، والاحتياج إليه ليثبت الجنان للسؤال ، فنفي الفائدة مطلقا ممنوع ، نعم الفائدة الأصلية منتفية ، على أنه قد قيل: إن الميت لا يسمع وما أنت بمسمع من في القبور

[تنبيه] قال ابن عربي: إذا لقنته ولم يقل ذلك أو قال لا ، فلا تسئ الظن به ، فإني أعلم بشخص بتونس لقن عند احتضاره وقد شخص بصره فقال: لا ، وكان صالحا ، فخيف عليه ، فاتفق أنه رد عليهم فقال: جاءني الشيطان بصورة من سلف من آبائي فقالوا: إياك والإسلام ، مت يهوديا أو نصرانيا فهو أنجى ، فكنت أقول لا ، فعصمني الله منهم

(حم م 4) في الجنائز (عن أبي سعيد) الخدري (م هـ عن أبي هريرة ن عن عائشة) قال المصنف: وهذا متواتر ، ولم يخرجه البخاري.

التالي السابق


الخدمات العلمية