صفحة جزء
7367 - لم يلق ابن آدم شيئا قط منذ خلقه الله أشد عليه من الموت ، ثم إن الموت لأهون مما بعده (حم) عن أنس. (ض)
(لم يلق ابن آدم شيئا قط منذ خلقه الله أشد عليه من الموت) أي هو أشد الدواهي وأعظم مرارة من جميع ما يكابده الإنسان من الشدائد طول عمره ، فإن مفارقة الروح للبدن لا تحصل إلا بعد ألم عظيم لهما ، فإن الروح تعلقت بالبدن وألفته واشتد امتزاجها به ، فلا يفترقان إلا بجهد وشدة ، ويتزايد ذلك الألم باستحضار المحتضر أن جسده يصير جيفة قذرة يأكلها الهوام ويبليه التراب ، وأن الروح المفارقة له لا يدري أين مستقرها ، فيجتمع له سكرة الموت مع حسرة الفوت وجاءت سكرة الموت بالحق ذلك ما كنت منه تحيد (إن الموت لأهون) على الإنسان (مما بعده) كروعة سؤال منكر ونكير ، وروعة القيام من القبور ليوم النشور ، وروعة الصعق ، وروعة الموقف وقد بلغت القلوب الحناجر ، وروعة تطاير الصحف ، وروعة الورود إلى النار تحلة القسم:


فلو أنا إذا متنا تركنا. . . لكان الموت راحة كل حي

    ولكنا إذا متنا بعثنا.
. . ونسأل بعد ذا عن كل شي



ثم هذا فيمن لم يستعد قبل حلوله ويوفق للعمل الصالح قبل نزوله ، أما من كان كذلك وختم له بذلك فما بعده أسهل إن شاء الله ، كما يدل عليه خبر أحمد والطبراني: آخر شدة يلقاها المؤمن الموت ، فتأمله ، فإني لم أر من تعرض له

(حم عن أنس) قال الهيثمي: رجاله موثقون ، وقال في محل آخر: إسناده جيد.

التالي السابق


الخدمات العلمية