صفحة جزء
7418 - لو أنكم تكونون على كل حال على الحالة التي أنتم عليها عندي ، لصافحتكم الملائكة بأكفهم ، ولزارتكم في بيوتكم ، ولو لم تذنبوا ، لجاء الله بقوم يذنبون كي يغفر لهم (حم ت) عن أبي هريرة. (ض)
(لو أنكم تكونون على كل حال على الحالة التي أنتم عليها عندي) إشارة إلى أن الدوام على الحالة الآتية عزيز ، وأن عدم دوام العبد على تلك الحالة لا يوجب معتبة ، لما طبع عليه البشر من الغفلة (لصافحتكم الملائكة بأكفهم ، ولزارتكم في بيوتكم) قال في البحر: معناه: لو أنكم في معاشكم وأحوالكم كحالتكم عندي ، لأظلتكم الملائكة ، لأن حال كونكم عندي حال مواجيد ، وكان الذي يجدونه معه خلاف المعهود إذا رأوا الأموال والأولاد ، ومعه ترون سلطان الحق وتشاهدونه وترق أنفسكم. قال أنس: ما نفضنا أيدينا من دفنه حتى أنكرنا قلوبنا ، والذي زال عنهم هو سلطان النبوة القاهر لكل عدو ، ألا ترى إلى قصة الرجل الذي باع أبا جهل إبلا فمطله ، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: أعط هذا حقه ، فأرعد وأجاب وهو عدوه الأكبر ؟ فهذا من سلطان النبوة وقهر الحق للأعداء ، ولم تصافحهم الملائكة عنده ، لأنها لم تكن حالتهم ، لكنها حالة الحق ، ولو كان ما يجدونه حالهم لكانت حالة ثابتة لهم ، ولكانت موهبة الله ، والله لا يرجع في هبته ولا يسلب كرامته إلا بالتقصير في واجباته (ولو لم تذنبوا ، لجاء الله بقوم يذنبون كي يغفر لهم) فيتوب عليهم وينيلهم جنته ، وإنما يخلي الله بين المؤمن والذنب ليبلغه هذه الدرجة ، ولو لم يخل بينه وبينه ، وسعى العبد في محاب الله كلها ، وتجنب مساخطه كلها ، ربما وجد نفسه قائمة بوظائف الله وساعية في طاعة ، ويرى لسانه ذاكرا ، فأعجبته نفسه واستكثر فعله واستحسن عمله ، فيكون قد انصرف عن الله إلى نفسه العاجزة الحقيرة ، الضعيفة القوة ، الدنية الصفة ، الأمارة بالسوء اللوامة ، التي هي معدن الآفات ومحل الهلكات

(حم ت عن أبي هريرة) قال: قلنا: يا رسول الله ، إذا رأيناك رقت قلوبنا ، وكنا من أهل الآخرة ، وإذا فارقناك أعجبتنا الدنيا ، وشممنا النساء والأولاد ، فذكره .

التالي السابق


الخدمات العلمية