صفحة جزء
388 - " إذا أراد الله بأهل بيت خيرا؛ فقههم في الدين؛ ووقر صغيرهم كبيرهم؛ ورزقهم الرفق في معيشتهم؛ والقصد في نفقاتهم؛ وبصرهم عيوبهم؛ فيتوبوا منها؛ وإذا أراد بهم غير ذلك تركهم هملا " ؛ (قط)؛ في الأفراد؛ عن أنس ؛ (ض).


(إذا أراد الله بأهل بيت خيرا) ؛ نكره؛ لإفادة التعميم؛ أي: إذا أراد جميع الخير؛ والمقام يقتضيه؛ (فقههم في الدين) ؛ أي: جعلهم فقهاء فيه؛ و" الفقه" ؛ لغة: الفهم؛ أو: لما دق؛ وعرفا: العلم بالأحكام الشرعية التي طريقها الاجتهاد؛ وقيل: معرفة النفس ما لها؛ وعليها؛ عملا؛ وقال الكرماني: والأنسب هنا المعنى اللغوي؛ ليشمل فهم كل علم من علوم الدين؛ وقال الغزالي: أراد فهمهم أمره؛ ونهيه؛ بنور رباني؛ يقذفه في قلوبهم؛ (ووقر) ؛ بشد القاف؛ عظم؛ وبجل؛ (صغيرهم كبيرهم) ؛ في السن؛ أو المراد بالكبير: العالم؛ وبالصغير: غيره؛ أي: ورحم كبيرهم صغيرهم؛ كما يدل عليه خبر: " ليس منا من لم يرحم صغيرنا؛ ويعرف حق كبيرنا" ؛ وإنما لم يذكره هنا لأنه كان يخاطب كل أحد بما يليق بحاله؛ ففهم من المخاطب التقصير في التوقير؛ دون القرينة الثانية؛ (ورزقهم الرفق) ؛ بكسر الراء؛ اللطف والدربة وحسن التصرف والسياسة؛ (في معيشتهم) ؛ أي: ما يتعيشون به؛ أو ما يتوصلون به إلى العيش؛ أي: إلى الحياة؛ وفي ذلك البركة والنمو؛ كما صرح به في خبر: " الخرق شؤم؛ والرفق يمن" ؛ ثم عطف عليه عطف خاص على عام؛ اهتماما بشأنه بقوله: (والقصد) ؛ بفتح وسكون؛ (في نفقاتهم) ؛ [ ص: 261 ] أي: الوسط المعتدل بين طرفي الإفراط؛ والتفريط فيها؛ قال (تعالى): والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قواما ؛ و" القصد" : العدل والاستقامة؛ يقال: " قصد في الأمر" ؛ إذا توسط؛ وطلب الأسد؛ ولم يجاوز الحد؛ (وبصرهم عيوبهم) ؛ أي: ذنوبهم؛ أي: عرفها لهم؛ وجعلها نصب أعينهم؛ وشغلهم بها عن عيوب غيرهم؛ (فيتوبوا) ؛ أي: ليتوبوا؛ أي: يرجعوا إلى الله؛ (منها) ؛ بالطاعة؛ وترك المنهي؛ والعزم على عدم العود؛ (وإذا أراد بهم غير ذلك) ؛ أي: أراد بهم شرا؛ ولم يذكره لاقتضاء المقام استهجان ذكره؛ يعني: سوء الخاتمة؛ أو العذاب؛ (تركهم هملا) ؛ بالتحريك؛ أي: ضلالا؛ بألا يلهمهم فعل ذلك؛ ويخلي بينهم وبين أنفسهم؛ حتى يهلكوا؛ لغضبه عليهم؛ وإعراضه عنهم؛ وهذا كقوله (تعالى): ولا تكونوا كالذين نسوا الله فأنساهم أنفسهم ؛ الآية؛ قال ابن عطاء الله: كل من وكل إلى نفسه؛ لم تفته معصية؛ وإن لم يكن فاعلا؛ ومن نصرته العناية لم تفته طاعة؛ وإن لم يكن فاعلا؛ وقال: الكلب المعلم يغل في السلاسل؛ ليعمل بمقتضى علمه؛ والكلب الجاهل يترك؛ ويتخلى وشهواته؛ وأنشد بعضهم:


والعلم يجلو العمى عن قلب صاحبه ... كما يجلي سواد الظلمة القمر

    والعلم فيه حياة للقلوب كما
... تحيا البلاد إذا ما مسها المطر



(قط)؛ في كتاب؛ (الأفراد) ؛ بفتح الهمزة؛ (عن أنس ) ؛ وقال: غريب؛ تفرد به ابن المنكدر عنه؛ ولم يروه عنه غير موسى ابن محمد بن عطاء ؛ وهو متروك؛ انتهى؛ وفي الميزان: كذبه أبو زرعة ؛ وأبو حاتم .

التالي السابق


الخدمات العلمية