صفحة جزء
391 - " إذا أراد الله بقوم خيرا؛ ولى عليهم حلماءهم؛ وقضى بينهم علماؤهم؛ وجعل المال في سمحائهم؛ وإذا أراد بقوم شرا ولى عليهم سفهاءهم؛ وقضى بينهم جهالهم؛ وجعل المال في بخلائهم " ؛ (فر)؛ عن مهران؛ (ض).


(إذا أراد الله بقوم خيرا) ؛ قال: " بقوم" ؛ ولم يقل: " بالناس" ؛ لأن هذا العالم لا يكمل نظامه إلا بوجود الشر فيه؛ ومن جملته إمارة السفهاء؛ وحكم الجهلاء؛ فلا تخلو الأرض من ذلك؛ فإذا أراد بأهل قطر مخصوص خيرا؛ عمل بهم ما ذكره بقوله: (ولى عليهم حلماءهم) ؛ جمع " حليم" ؛ و" الحلم" ؛ بالكسر: الأناة والتثبت؛ (وقضى) ؛ أي: حكم؛ (بينهم علماؤهم) ؛ أي: صير الحكم بينهم إلى العلماء؛ بأن يلهم الإمام البحث عمن فيه الأهلية ويؤثره بالولاية على أهل الجهل والغواية؛ (وجعل المال في سمحائهم) ؛ أي: كرمائهم؛ جمع " سميح" ؛ وهو الجيد الكريم؛ وذلك ليخرج أحدهم الزكاة بطيب نفس؛ ويقوم بما تقتضيه مكارم الأخلاق؛ من مواساة ذوي الضرورات والحاجات؛ ويتساهل في المعاملات؛ وذلك من علامة رضا الله عن الناس؛ وقد أخرج ابن عساكر عن قتادة : قال موسى - عليه الصلاة والسلام -: " يا رب أنت في السماء؛ ونحن في الأرض؛ فما علامة غضبك من رضاك؟" ؛ قال: " إذا استعملت عليكم خياركم؛ فهو علامة رضاي؛ وإذا استعملت عليكم شراركم؛ فهو علامة سخطي عليكم" ؛ (وإذا أراد الله بقوم شرا؛ ولى عليهم سفهاءهم) ؛ أي: أخفهم أحلاما؛ وأعظمهم طيشا وخفة؛ وهذا إشارة إلى التحذير من إمارة السفهاء؛ ومن فعلهم؛ وما يترتب عليه من الظلم؛ والكذب؛ وما يؤدي إلى طيشهم؛ وخفتهم؛ من سفك الدماء؛ والفساد في الأرض؛ (وقضى بينهم جهالهم) ؛ بالأحكام الشرعية؛ (وجعل المال في بخلائهم) ؛ والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله ؛ ولا يقرون الضيف؛ ولا يعطون في النائبة؛ و[لا يسعون في] إصلاح ذات البين؛ مع القدرة؛ ونحو ذلك؛ ولو ولى عليهم سفهاءهم؛ وجعل المال في سمحائهم؛ أو عكسه؛ لم يدل على خير؛ ولا شر؛ فيما يظهر.

(فر)؛ وكذا ابن لال ؛ وعنه خرجه الديلمي ؛ فكان الأولى عزوه إليه؛ لأنه الأصل؛ (عن مهران) ؛ قال في الفردوس: أظنه مولى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ قال في مسنده: وله صحبة؛ انتهى؛ وإسناده جيد؛ ولم يرمز له بشيء.

التالي السابق


الخدمات العلمية