صفحة جزء
396 - " إذا أراد الله بالأمير خيرا؛ جعل له وزير صدق؛ إن نسي ذكره؛ وإن ذكر أعانه؛ وإذا أراد به غير ذلك؛ جعل له وزير سوء؛ إن نسي لم يذكره؛ وإن ذكر لم يعنه " ؛ (د هب) ؛ عن عائشة ؛ (ح).


[ ص: 264 ] (إذا أراد الله بالأمير) ؛ على الرعية؛ وهو الإمام؛ ونوابه؛ (خيرا؛ جعل له وزيرا) ؛ من " الوزر" ؛ وهو الثقل؛ لتحمله عن الملك؛ أو من " الوزير" ؛ وهو الملجأ؛ لاعتصامه برأيه؛ والتجائه إليه؛ أو من " المؤازرة" ؛ وهي المعاونة؛ (صدق) ؛ أي: صالحا؛ صادقا في نصحه؛ ونصح رعيته؛ قال الطيبي: أصله: " وزير صادق" ؛ ثم قيل: " وزير صدق" ؛ على الوصف به؛ ذهابا إلى أنه نفس الصدق؛ ثم أضيف لمزيد الاختصاص بالقول؛ ولم يرد بالصدق الاختصاص بالقول فقط؛ بل بالأقوال؛ والأفعال؛ (إن نسي) ؛ شيئا من أحكام الشرع وآدابه؛ أو نصر المظلوم؛ أو مصلحة الرعية؛ (ذكره) ؛ بالتشديد؛ أي: ما نسيه؛ ودله على الأصلح؛ والأنفع؛ والأرفق؛ (وإن ذكر) ؛ بالتخفيف؛ أي: الأمير؛ واحتاج لمساعدة؛ (أعانه) ؛ بالرأي؛ أو اللسان؛ أو البدن؛ أو بالكل؛ (وإذا أراد به غير ذلك) ؛ أي: شرا؛ ولم يعبر به استهجانا للفظه؛ واستقباحا لذكره؛ (جعل له وزير سوء) ؛ بالفتح؛ والإضافة؛ (إن نسي لم يذكره؛ وإن ذكر لم يعنه) ؛ على ما فيه الرشد والفلاح؛ بل يحاول ضده؛ وذلك علامة سوء الخاتمة؛ كما أن الأول علامة حسنها؛ قال في الكشاف: و" السوء" : الرداءة؛ والقبح في كل شيء.

(تنبيه) : قال الأحنف : " لا يتم أمر السلطان إلا بالوزراء والأعوان؛ ولا تنفع الوزراء والأعوان إلا بالمودة والنصيحة؛ ولا تنفع المودة والنصيحة إلا بالرأي والعفاف؛ وأعظم الأمور ضررا على الملوك خاصة؛ وعلى الناس عامة؛ أن يحرموا صالح الوزراء والأعوان؛ وأن يكون وزراؤهم؛ وأعوانهم غير ذي مروءة؛ ولا حياء" ؛ وقال: " ليس شيء أهلك للوالي من وزير؛ أو صاحب يحسن القول؛ ولا يحسن العمل" ؛ وقال: " حلية الولاة وزينتهم: وزراؤهم؛ فمن فسدت بطانته؛ كان كمن غص بالماء؛ ولم يصلح شأنه" .

(تتمة) : أخرج البيهقي عن علي الجراح قال: سألت أولاد بني أمية: ما سبب زوال دولتكم؟ قالوا: خصال أربع؛ أولها: أن وزراءنا كتموا عنا ما يجب إظهاره لنا؛ الثانية: أن جباة خراجنا ظلموا الناس؛ فرحلوا عن أوطانهم؛ فخلت بيوت أموالنا؛ الثالثة: انقطعت الأرزاق عن الجند؛ فتركوا طاعتنا؛ الرابعة: يئسوا من إنصافنا؛ فاستراحت نفوسهم لغيرنا.

(د هب؛ عن عائشة ) ؛ قال في الرياض: رواه أبو داود بإسناد جيد؛ على شرط مسلم ؛ لكن جرى الحافظ العراقي على ضعفه؛ فقال: ضعفه ابن عدي وغيره؛ ولعله من غير طريق أبي داود.

التالي السابق


الخدمات العلمية