صفحة جزء
7853 - ما أوذي أحد ما أوذيت في الله (حل) عن أنس (ض) .


(ما أوذي أحد ما أوذيت في الله) أي: في مرضاته أو من جهته وبسببه حيث دعوت الناس إلى إفراده بالعبادة ونهيت عن إثباتهم الشريك وذلك من أعظم اللطف به وكمال العناية الربانية به ليتضاعف له الترقي في نهايات المقامات. قال ابن عطاء الله : إنما جرى الأذى على أصفيائه لئلا يكون لأحد منهم ركون إلى الخلق غيرة منه عليهم وليزعجهم عن كل شيء حتى لا يشغلهم عنه شيء، وقال ابن حجر : هذا الحديث قد استشكل بما جاء من صفات ما أوذي به الصحابة من التعذيب الشديد وهو محمول لو ثبت على معنى حديث أنس المار لقد أوذيت في الله وما يؤذى أحد، وقيل: معناه: أنه أوحى إليه ما أوذي به من قبله فتأذى بذلك زيادة على ما آذاه قومه به، وروى ابن إسحاق عن ابن عباس والله إن كانوا يضربون أحدهم ويجيعونه ويعطشونه حتى ما يقدر أن يستوي جالسا من شدة الضر حتى يقولوا له اللات والعزى إلهك من دون الله فيقول أحد أحد، وروى ابن ماجه وابن حبان عن ابن مسعود أول من أظهر إسلامه سبعة: رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وأبو بكر وعمر وعمار وأمه وصهيب وبلال والمقداد، فأما رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فمنعه الله بعمه وأما أبو بكر بقومه وأما سائرهم فأخذهم المشركون فألبسوهم أدرع الحديد وأوثقوهم في الشمس. اهـ. وأجيب بأن جميع ما أوذي به أصحابه كان يتأذى هو به لكونه بسببه واستشكل أيضا بما أوذي به الأنبياء من القتل كما في قصة زكريا وولده يحيى ، وأجيب بأن المراد هنا غير إزهاق الروح، وقال بعضهم: البلاء تابع لكثرة الأتباع وهو أكثر الأنبياء اتباعا وغيره من الأنبياء وإن ابتلي بأنواع من البلاء لكن ما أوذي به أكثر لأنه كما أكمل له الدين أكمل له الابتلاء لإرساله إلى الكافة لكن لما كان مقامه في العلو يسمو على مقام غيره لم يظهر على ذاته كبير أمر، فمعنى قوله: "ما أوذي..." إلخ أن دعوته عامة فاجتمع عليه الاهتمام ببلاء جميع أمته فكمل له مقام الابتلاء كما كمل له الدين فبكل بلاء تفرق في الأمم اجتمع له وابتلي به، وقال الخواص: كان المصطفى (صلى الله عليه وسلم) كلما سمع ما جرى لنبي من الأنبياء من الأذى والبلاء يتصف به ويجده في نفسه كلما وجده ذلك النبي (صلى الله عليه وسلم) غيرة على الدين (حل عن أنس) بن مالك قال السخاوي : وأصله في البخاري .

التالي السابق


الخدمات العلمية