صفحة جزء
8032 - ما من ذي غنى إلا سيود يوم القيامة لو كان إنما أوتي من الدنيا قوتا (هناد) عن أنس (صح) .


(ما من ذي غنى) أي: صاحب مال (إلا سيود يوم القيامة) أي: يحب حبا شديدا (لو كان إنما أوتي من الدنيا قوتا) وفي رواية كفافا أي: شيئا يسد رمقه بغير زيادة على ذلك؛ قيل: سمي قوتا لحصول القوة منه. وقد احتج بهذا من فضل الفقر على الغنى وقد اتفق الجميع على أن ما أحوج من الفقر مكروه وما أبطر من الغنى مذموم والكفاف حالة متوسطة بين الفقر والغنى وخير الأمور أواسطها ولذلك سأله المصطفى (صلى الله عليه وسلم) بقوله اللهم اجعل رزق آل محمد قوتا؛ ومعلوم أنه لا يسأل إلا أفضل الأحوال والكفاف حالة سليمة من آفات الغنى المطغي وآفات الفقر المدقع الذي كان يتعوذ منهما فهي أفضل منهما، قال القرطبي : فعلى هذا فأهل الكفاف هم صدر كتيبة الفقر الداخلين الجنة [ ص: 480 ] قبل الأغنياء بخمس مئة عام لأنهم وسطهم والوسط العدل وكذلك جعلناكم أمة وسطا أي: عدلا خيارا وليسوا من الأغنياء ولا من الفقراء. وفيه حجة لمن ذهب إلى تفضيل الفقير الصابر على الغني الشاكر. قالوا: يكفي في فضله أن كل أحد يتمناه يوم القيامة (هناد) في الزهد وكذا البيهقي في الشعب (عن أنس) بن مالك . فظاهر صنيع المصنف أن هذا مما لم يتعرض أحد الستة لتخريجه وإلا لما عدل عنه وهو عجب فقد خرجه أبو داود عن أنس بلفظ ما من أحد غني ولا فقير إلا ود يوم القيامة أنه كان أوتي من الدنيا قوتا: قال ابن حجر وأخرجه ابن ماجه من طريق نفيع وهو ضعيف عن أنس رفعه ما من غني ولا فقير إلا يود يوم القيامة أنه أوتي من الدنيا قوتا. قال: وهذا حديث لو صح لكان نصا في المسألة أي: في تفضيل الكفاف. اهـ. وقال العراقي بعد عزوه لأبي داود : فيه نفيع بن الحارث ضعيف وعزاه المنذري لابن ماجه عن أنس وضعفه وأورده في الميزان في ترجمة نفيع وقال: قال النسائي والدارقطني وغيرهما: متروك الحديث وقال ابن الجوزي : حديث لا يصح .

التالي السابق


الخدمات العلمية