صفحة جزء
8128 - -مثل البخيل والمتصدق كمثل رجلين عليهما جبتان من حديد من ثديهما إلى تراقيهما: فأما المنفق فلا ينفق إلا سبغت على جلده، حتى تخفي بنانه، وتعفو أثره، وأما البخيل فلا يريد أن ينفق شيئا إلا لزقت كل حلقة مكانها، فهو يوسعها فلا تتسع (حم ق ت) عن أبي هريرة (صح) .


[ ص: 506 ] (مثل البخيل والمتصدق) في رواية البخيل والمنفق (كمثل) بزيادة الكاف أو مثل (رجلين عليهما جبتان) بضم الجيم وشد الموحدة وروي بنون أي: درعان ورجح بقوله: (من حديد) وادعى بعضهم أنه تصحيف، والجبة: الحصن وبها سمي الدرع لأنها تجن صاحبها أي: تحصنه والجبة بموحدة ثوب معروف (من ثديهما) بضم المثلثة وكسر الدال المهملة ومثناة تحتية مشددة جمع ثدي كفلس (إلى تراقيهما) جمع ترقوة العظمين المشرفين في أعلى الصدر (فأما المنفق فلا ينفق) شيئا (إلا سبغت) بفتح المهملة وموحدة مخففة وغين معجمة امتدت وعظمت (على جلده حتى تخفي) بضم المثناة الفوقية ومعجمة ساكنة وفاء مكسورة وفي رواية بجيم ونون أي: تستر (بنانه) بفتح الموحدة ونونين أصابعه أو أنامله وصحفها بعضهم ثيابه بمثلثة فمثناة تحت (وتعفو أثره) محركا بالنصب عطفا على تخفى وكلاهما مسند لضمير الجبة أي: تمحو أثر مشيه لسبوغها يعني أن الصدقة تستر خطاياه كما يغطي الثوب جميع بدنه، والمراد أن الجواد إذا هم بالصدقة انشرح لها صدره وطابت بها نفسه فوسع في الإنفاق (وأما البخيل فلا يريد أن ينفق شيئا إلا لزقت) بكسر الزاي التصقت (كل حلقة) بسكون اللام (مكانها) قال الطيبي : قيد المشبه به بالحديد إعلاما بأن القبض والشدة جبلي للإنسان وأوقع المتصدق موضع السخي لجعله في مقابلة البخيل إيذانا بأن السخاء ما أمر به الشارع وندب إليه لا ما يتعاناه المسرفون (فهو يوسعها فلا تتسع) ضرب المثل برجل أراد لبس درع يستجن به فحالت يداه بينها وبين أن تمر على جميع بدنه فاجتمعت في عنقه فلزمت ترقوته والمراد أن البخيل إذا حدث نفسه بالصدقة شحت وضاق صدره وغلت يداه (حم ق ن عن أبي هريرة ) وزعم بعضهم أن قوله وهو يوسعها إلخ مدرج من كلام أبي هريرة وهو وهم لورود التصريح برفعه في رواية .

التالي السابق


الخدمات العلمية