صفحة جزء
8171 - -مررت ليلة أسري بي على موسى قائما يصلي في قبره (حم م ن) عن أنس (صح) .


(مررت ليلة أسري بي على موسى ) أي: جاوزت موسى بن عمران حال كونه (قائما يصلي في قبره) لفظ رواية مسلم مررت على موسى ليلة أسري بي عند الكثيب الأحمر وهو يصلي في قبره أي: يدعو الله ويثني عليه ويذكره؛ فالمراد الصلاة اللغوية وقيل: المراد الشرعية وعليه القرطبي ؛ فقال: الحديث بظاهره يدل على أنه رآه رؤية حقيقية في اليقظة وأنه حي في قبره يصلي الصلاة التي يصليها في الحياة وذلك ممكن ولا مانع من ذلك لأنه إلى الآن في الدنيا وهي دار تعبد، فإن قيل كيف يصلون بعد الموت وليس تلك حالة تكليف؟ قلنا: ذلك ليس بحكم التكليف بل بحكم الإكرام والتشريف لأنهم حبب إليهم في الدنيا الصلاة فلزموها ثم توفوا وهم على ذلك فتشرفوا بإبقاء ما كانوا يحيونه عليه فتكون عبادتهم إلهامية كعبادة الملائكة لا تكليفية؛ ويدل عليه خبر يموت الرجل على ما عاش عليه ويحشر على ما مات عليه؛ ولا تدافع بين هذا وبين رؤيته إياه تلك الليلة في السماء لأن للأنبياء مراتع ومسارح يتصرفون فيما شاءوا ثم يرجعون أو لأن أرواح الأنبياء بعد مفارقة البدن في الرفيق الأعلى ولها إشراف على البدن وتعلق به يتمكنون من التصرف والتقرب بحيث يرد السلام على المسلم وبهذا التعلق رآه يصلي في قبره ورآه في السماء فلا يلزم كون موسى عرج به من قبره ثم رد إليه بل ذلك مقام روحه واستقرارها وقبره مقام بدنه واستقراره [ ص: 520 ] إلى يوم معاد الأرواح لأبدانها فرآه يصلي في قبره ورآه في السماء أي: كما أن نبينا بالرفيق الأعلى وبدنه في ضريحه يرد السلام على من سلم عليه ومن كثف إدراكه وغلظ طبعه عن إدراك هذا فلينظر إلى السماء في علوها وتعلقها وتأثيرها في الأرض وحياة النبات والحيوان وإلى النار كيف تؤثر في الجسم البعيد مع أن الارتباط الذي بين الروح والبدن أقوى وأتم وألطف؛ وإذا تأملت هذه الكلمات علمت أن لا حاجة إلى ما أبدى في هذا المقام من التكلفات والتأويلات البعيدة التي منها أن هذا كان رؤية منام أو تمثيل أو إخبار عن وحي لا رؤية عين

(خاتمة) أخرج ابن عساكر عن كعب أن قبر موسى بدمشق وذكر ابن حبان في صحيحه أن قبره بين مدين وبين بيت المقدس واعترضه الضياء المقدسي ثم ذكر أنه اشتهر أن قبره قريب من أريحاء بقرب الأرض المقدسة، وقد دلت منامات وحكايات على أنه قبره. قال الحافظ العراقي : وليس في قبور الأنبياء ما هو محقق إلا قبر نبينا (صلى الله عليه وسلم) وأما قبر موسى وإبراهيم فمظنون (حم م) في المناقب (ن) في الصلاة (عن أنس) بن مالك ولم يخرجه البخاري .

التالي السابق


الخدمات العلمية