صفحة جزء
8361 - من أخلص لله أربعين يوما ظهرت ينابيع الحكمة من قلبه على لسانه (حل) عن أبي أيوب - (ض)


(من أخلص لله) لفظ رواية أبي نعيم: من أخلص العبادة لله (أربعين يوما) بأن طهر بدنه من الأدناس والقاذورات، وحواسه الباطنة والظاهرة من إطلاقها فيما لا يحتاج إليه من الإدراكات، وأعضاءه من إطلاقها في التصرفات الخارجة عن دائرة الاعتدال المعلومة من الموازين العقلية والأحكام الشرعية والنصائح النبوية والتنبيهات الحكيمة، سيما اللسان، وخياله من الاعتقادات الفاسدة والمذاهب الباطلة والتخيلات الرديئة وجولانه في ميدان الآمال والأماني، وذهنه من الأفكار الرديئة والاستحضارات غير الواقعة المعتد بها، وعقله من التقييد ونتائج الأفكار فيما يختص بمعرفة الحق وما يصاحب فيضه المنبسط على الممكنات من غرائب الخواص والعلوم والأسرار، وقلبه من التقلب التابع للتشعب بسبب التعلقات الموجبة لتوزيع الهم وتشتت العزمات، ونفسه من أعراضها بل من عينها، فإنه خمرة الآمال والأماني والتعشق بالأشياء مكثرة التشوفات المختلفة التي هي نتائج الأذهان والتخيلات، وروحه من الحظوظ الشريفة المرجوة من الحق تعالى لمعرفته والقرب منه والاحتظاء بمشاهدته وسائر أنواع النعيم الروحاني المرغوب فيه والمستشرف بنور البصيرة عليه، وحقيقة الإنسانية من تغيير صور ما يرد عليه من الحق عما كان عليه حال تعينه وارتسامه في علم الحق أزلا (ظهرت ينابيع الحكمة من قلبه على لسانه) لأن المحافظة على الطهارة المعنوية ولزوم المجاهدة يوصل إلى حضرة المشاهدة، ألا تراه سبحانه يقول ومن الليل فتهجد به فإذا كان مقصود الوجود لا يصل إلى المقام المحمود إلا [ ص: 44 ] بالركوع والسجود فكيف يطمع في الوصول من لم يكن له محصول؟ ومن ثم قيل: فجاهد تشاهد، قال القونوي: في هذا الحديث سر يجب التنبيه عليه، وهو احتراز الإنسان أن يكون إخلاصه هذا طلبا لظهور ينابيع الحكمة من قلبه على لسانه، فإنه حينئذ لم يكن أخلص لله. وروى النووي بإسناده إلى السوسي : من شهد في إخلاصه الإخلاص احتاج إخلاصه إلى إخلاص، وروى أيضا عن التستري : من زهد في الدنيا أربعين يوما مخلصا في ذلك ظهرت له الكرامات، ومن لم تظهر له فلعدم الصدق في زهده، وحكمة التقييد بالأربعين أنها مدة يصير المداومة على الشيء فيها خلقا كالأصلي الغريزي كما مر. وأخذ جمع من الصوفية منه أن خلوة المريد تكون أربعين يوما، واحتجوا بوجوه أخر أظهرها أنه سبحانه خمر طينة آدم أربعين صباحا، وفي شرح الأحكام لعبد الحق: هذا الحديث وإن لم يكن صحيح الإسناد فقد صححه الذوق الذي خصص به أهل العطاء والإمداد، وفهم ذلك مستغلق إلا على أهل العلم الفتحي الذي طريقه الفيض الرباني بواسطة الإخلاص المحمدي

(حل) عن حبيب بن الحسن، عن عباس بن يونس التكلي، عن محمد بن يسار اليساري، عن محمد بن إسماعيل، عن يزيد بن يزيد الواسطي، عن حجاج عن مكحول (عن أبي أيوب) الأنصاري ، أورده ابن الجوزي في الموضوعات وقال: يزيد بن يزيد عن عبد الرحمن الواسطي كثير الخطإ، وحجاج مجروح، ومحمد بن إسماعيل مجهول، ومكحول لم يصح سماعه من أبي أيوب اهـ. وتعقبه المؤلف بأن الحافظ العراقي اقتصر في تخريج الإحياء على تضعيفه، وهو تعقب لا يسمن ولا يغني من جوع.

التالي السابق


الخدمات العلمية