صفحة جزء
9617 - وددت أني لقيت إخواني الذين آمنوا بي ولم يروني (حم) عن أنس - (ح)


(وددت أني لقيت إخواني) قالوا: يا رسول الله ألسنا إخوانك؟ قال: بلى أنتم أصحابي، وإخواني (الذين آمنوا بي ولم يروني) لعله أراد أن ينقل أصحابه من علم اليقين إلى عين اليقين، فيراهم هو وهم معه، فإن قلت: كيف يتمنى رؤيتهم وهم حينئذ في علم الله لا وجود لهم في الخارج؟ فالجواب: أن علم الأنبياء المستمد من علم الله، وعلمه لا يختلف باختلاف النسب الزمانية، فكذا علم أنبيائه حالة التجلي والكشف، فهم لما خلقوا عليه من التطهير والتجرد عن الأدناس صارت مراءات الكون تتجلى في سرائرهم، وصار الكون كله كأنه جوهرة واحدة، وهم مرآته المصقولة التي تتجلى فيها الحقائق والدقائق، لكن ذلك لا يكون إلا في مقام الجمع ووقف التجلي والتغريد، وربما كان ذلك في أقل من لمحة، ثم بعدها يرجع العبد لوطنه، ويستقر في مركزه، ويرجع إلى شهود تفرقته وأحكام حسه بمرأى من مشهده، فلما لم يكن ذلك الحال غير مستمر تمنى أن يراهم رؤية كشف وإدراك في ذلك الآن، ومن يتأمل ذلك يعرف أنه لا تعارض بين ذا وبين خبر: تجلى لي علم ما بين المشرق والمغرب، وخبر: زويت لي الأرض... ذكره بعض العارفين، وقد دل إثبات الأخوة لهؤلاء على علو مرتبتهم، وأنهم حازوا فضيلة الأخروية كما حاز المصطفى صلى الله عليه وسلم فضيلة الأولية، وهم الغرباء الذين أشار إليهم بخبر: بدأ الإسلام غريبا وسيعود غريبا فطوبى للغرباء، وهم الخلفاء الذين أشار إليهم بقوله: رحم الله خلفائي، وهم القابضون على دينهم عند الفتن كالقابض على الجمر، وهم النزاع من القبائل، وهم المؤمنون بالغيب، إلى غير ذلك مما لا يعسر على الفطن استخراجه من الأحاديث

(حم) وكذا أبو يعلى (عن أنس) بن مالك، لكن لفظ أبي يعلى: متى ألقى إخواني.... إلخ، قال الهيثمي: وفي رجال أبي يعلى محتسب أبو عائذ، وثقه ابن حبان وضعفه غيره، وبقية رجاله رجال الصحيح غير أفضل بن الصباح وهو ثقة، وفي إسناد أحمد : حسن وهو ضعيف اهـ. وبه يعرف ما في رمز المصنف لحسنه.

التالي السابق


الخدمات العلمية