صفحة جزء
48 - " ابدؤوا بما بدأ الله به " ؛ (قط)؛ عن جابر ؛ (صح).


(ابدؤوا) ؛ بكسر الهمزة؛ أيها الأمة؛ في أعمالكم القولية والفعلية؛ (بما) ؛ أي: بالشيء الذي (بدأ الله به) ؛ في التنزيل؛ فيجب عليكم [ ص: 76 ] الابتداء في السعي بالصفا؛ لابتدائه به في قوله (تعالى): إن الصفا والمروة ؛ وفيه وجوب السعي؛ قال الكمال ابن الهمام: ورد بصيغتي الخبر؛ والأمر؛ وهو يفيد الوجوب؛ خصوصا مع ضم خبر: " خذوا عني مناسككم" ؛ انتهى؛ فهو عند الحنفية واجب؛ وعند الشافعي ركن؛ وهذا؛ وإن ورد على سبب؛ وهو أن النبي - صلى الله عليه وسلم - طاف؛ ثم سعى؛ فبدأ بالصفا؛ وقرأ: إن الصفا والمروة من شعائر الله ؛ ثم ذكره؛ فالعبرة بعموم اللفظ؛ لا بخصوص السبب؛ وقد كان الرسول يحافظ على تقديم كل مقدم؛ فقدم غسل الوجه في الوضوء؛ ثم؛ فثم؛ وزكاة الفطر على صلاة العيد؛ تقديما للمقدم في آية: قد أفلح من تزكى وذكر اسم ربه فصلى ؛ وبذلك اتضح استدلال الشافعية به على وجوب ترتيب الوضوء؛ وأخرج الحاكم عن ابن عباس ؛ وصححه: أنه أتاه رجل فقال: أأبدأ بالمروة قبل الصفا؛ أو بالصفا؟ وأصلي قبل أن أطوف؛ أو أطوف قبل؟ وأحلق قبل أن أذبح؛ أو أذبح قبل؟ فقال: " خذه من كتاب الله؛ فإنه أجدر أن يحفظ؛ قال (تعالى): إن الصفا والمروة ؛ الآية؛ فالصفا قبل؛ وقال: وطهر بيتي للطائفين ؛ الآية؛ فالطواف قبل؛ وقال: ولا تحلقوا رءوسكم حتى يبلغ الهدي محله ؛ فالذبح قبل" ؛ انتهى؛ وما ذكره في غير الصفا محمول على الأكمل؛ لأن المصطفى - صلى الله عليه وسلم - ما سئل يوم النحر عن شيء قدم ولا أخر إلا قال: " افعل ولا حرج" .

(قط)؛ من عدة طرق؛ (عن) ؛ أبي عبد الله ؛ ( جابر) ؛ ابن عبد الله الخزرجي المدني؛ ورواه عنه أيضا النسائي بإسناد صحيح؛ باللفظ المزبور في حديث طويل؛ وكذا البيهقي ؛ وصححه ابن حزم؛ فاقتفاه المؤلف؛ فرمز لتصحيحه؛ ورواه مسلم بلفظ: " أبدأ" ؛ بصيغة المضارع للمتكلم؛ وأحمد ؛ ومالك ؛ وابن الجارود ؛ وأبو داود ؛ والترمذي ؛ وابن ماجه ؛ وابن حبان ؛ والنسائي أيضا بلفظ: " نبدأ" ؛ بالنون؛ وقال ابن دقيق العيد: مخرج الحديث عندهم واحد؛ وقد أجمع مالك وسفيان والقطان على رواية: " نبدأ" ؛ بنون الجمع؛ قال ابن حجر: وهو أحفظ من الباقين؛ وهو يؤيد ضبط مسلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية