صفحة جزء
9736 - لا تمنوا الموت (هـ) عن خباب- (صح)


(لا تمنوا) بحذف إحدى التاءين (الموت) فيكره ذلك، وقيل يحرم لما فيه من طلب إزالة نعمة الحياة وما يترتب عليها من جزيل الفوائد وجليل العوائد، كيف لا وزيادة الأجور في زيادة الأعمار؟ ولو لم يكن إلا استمرار الإيمان لكفى، فأي عمل أعظم منه؟ ثم إنه أطلق النهي هنا وقيده في غير ما حديث بكون تمنيه لضر نزل به، والمراد الدنيوي لا الديني، بدليل خبر: لا تقوم الساعة حتى يمر الرجل بقبر الرجل... إلخ والحديث الآتي، ومن المجموع عرف أن المنهي تمنيه لضرر دنيوي، ولضرر ديني لا بأس، فإن تجرد عنهما فمفهوم التقييد بالضرر أنه منهي، غير أن أرجح الأنظار كما قاله الحافظ العراقي أن التقييد غالبي؛ إذ الناس لا يتمنون إلا لضر، فالمفهوم غير معمول به، نعم قد استفاض عن جماهير من السلف تمنيه شوقا إلى الحضرة المتعالية الأقدسية، ولا شك في حسنه بالنسبة لمقام الخواص. هذا وليس لك أن تقول: إذا كانت الآجال مقدرة لا تزيد ولا تنقص، فتمني الموت لا أثر له، فالنهي عنه لا معنى له، لأنا نقول: هذا هو حكمة النهي، لأنه عبث لا فائدة له، وفيه مراغمة المقدور وعدم الرضا به، ولا يشكل على كون تمنيه عبثا لا يؤثر في العمر، لتقديره قول النبي صلى الله عليه وسلم في اليهود "لو تمنوه لماتوا جميعا" لأن ذاك بوحي في خصوص أولئك، فرتبت آجالهم على وصف إن وجد ماتوا وإلا فلا، والأسباب مقدرة، كما أن المسببات مقدرة

(هـ عن خباب) بن الأرت، ورواه أحمد والبزار ، وزاد: فإن هول المطلع شديد، قال الهيثمي: وسنده جيد.

التالي السابق


الخدمات العلمية