صفحة جزء
510 - " إذا بعثت سرية؛ فلا تنتقهم؛ واقتطعهم؛ فإن الله ينصر القوم بأضعفهم " ؛ الحارث ؛ في مسنده؛ عن ابن عباس ؛ (ض).


(إذا بعثت) ؛ أي: أرسلت إلى عدو؛ والخطاب لمن يصير إماما؛ أو نائبه؛ ممن له ولاية بعث ذلك؛ (سرية) ؛ هي طائفة من الجيش؛ أقصاها أربعمائة؛ تبعث للعدو؛ وسميت به؛ لأنهم يكونون خلاصة العسكر؛ وخيارهم؛ من الشيء السري النفيس؛ أو لأنهم ينفذون سرا؛ أي: خفية؛ كذا قيل؛ ورد بأن لام " السر" ؛ واو وهذه ياء؛ فالأصح الأول؛ (فلا تنتقهم) ؛ أي: لا تنتق الجلد القوي؛ (واقتطعهم) ؛ أي: ولكن خذ قطعة؛ أي: طائفة؛ اقتطعها من الجند؛ فيهم القوي والضعيف؛ وابعثهم؛ (فإن الله ينصر القوم بأضعفهم) ؛ كما فعل في قصة طالوت؛ وما النصر إلا من عند الله ؛ لا بالقوة والشجاعة؛ كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله ؛ وأما الأبطال والشجعان فيغلب عليهم الزهو والإعجاب؛ وقصر النظر على الأسباب؛ فإن تمحض الجيش من هؤلاء؛ خيف عليهم عدم الظفر؛ لعدم اعتمادهم على الله - سبحانه وتعالى -؛ وملاك النصر الورع في التناول باليد؛ وذلك في صعاليك المؤمنين أغلب؛ وكل سرية غلب عليها الورع والزهد فإلى النصر أقرب؛ ولهذا قيل لعلي - كرم الله وجهه - ما بال فرسك لم يكب بك قط؟! قال: " ما وطئت به زرع مسلم قط" ؛ قالوا: وأعظم السرايا سرية فيها من أهل الورع بعدد التائبين من أصحاب طالوت؛ الذين كان بعددهم أهل " بدر" ؛ وهذا من الآداب الحربية؛ والأحكام السلطانية.

( الحارث ) ؛ ابن محمد؛ الشهير بابن أبي أسامة التميمي؛ (في مسنده؛ عن ابن عباس ) - رضي الله عنهما - بإسناد ضعيف؛ لكن له شواهد.

التالي السابق


الخدمات العلمية