صفحة جزء
542 - " إذا جاء أحدكم الجمعة؛ فليغتسل " ؛ مالك ؛ (ق ن) ؛ عن ابن عمر ؛ (صح).


(إذا جاء أحدكم الجمعة) ؛ أي: أراد المجيء إلى صلاتها؛ وهو بضم الميم؛ إتباعا لضم الجيم؛ اسم من الاجتماع؛ أضيف إليه اليوم؛ أو الصلاة؛ وجواز إسكانها على الأصل؛ على المفعول؛ وهي لغة تميم؛ وبها قرئ؛ وفتحها بمعنى " فاعل" ؛ أي: اليوم الجامع؛ وهو كـ " همزة" ؛ ولم يقرأ بها؛ واستشكاله بأنه أنث؛ مع أنه صفة لليوم؛ دفع بأن التاء ليست للتأنيث؛ بل للمبالغة؛ كهي في " علامة" ؛ أو هي صفة للساعة؛ وحكي الكسر أيضا؛ وسواء كان الجائي رجلا؛ أو صبيا؛ أو أنثى؛ كما أفاده بإضافة " أحد" ؛ إلى ضمير الجمع؛ ليعم؛ وذكر المجيء غالبي؛ فالحكم يعم المقيم بمحلها؛ قال الطيبي: والظاهر أن الجمعة فاعل؛ كقوله: فإذا جاءتهم الحسنة ؛ وقوله: أن يأتي أحدكم الموت ؛ (فليغتسل) ؛ ندبا؛ عند الجمهور؛ وقيل: وجوبا؛ وعليه الظاهرية؛ وعزي لمالك ؛ ونص عليه الشافعي في القديم؛ واختاره السبكي؛ ويأتي فيه مزيد؛ وخرج به من لم يحضرها؛ فلا يطلب منه الغسل؛ بناء على الأصح عند الشافعية والحنفية والمالكية؛ أن الغسل للصلاة؛ لا لليوم؛ فلو اغتسل بعد الصلاة لم يكن للجمعة؛ وظاهر قوله: " فليغتسل" ؛ أن الغسل يتصل بالمجيء؛ فيقربه من ذهابه؛ ويوصله به؛ وبه قال مالك ؛ لكن أخذ الشافعية والحنفية بما اقتضاه حديث أبي هريرة : " من اغتسل [ ص: 324 ] يوم الجمعة؛ ثم راح..." ؛ أن الرواح متأخر عن الغسل؛ فلو اغتسل بعد الفجر؛ أجزأ؛ عند الشافعية والحنفية؛ لا المالكية؛ لكن تقريبه من ذهابه أفضل عند الشافعي .

( مالك ) ؛ في الموطإ؛ (ق ت؛ عن ابن عمر) ؛ ابن الخطاب ؛ قال: كان الناس يغدون في أعمالهم؛ فإذا كانت الجمعة جاؤوا وعليهم ثياب مغبرة؛ فشكوا ذلك للنبي؛ فذكره؛ وفي رواية لمسلم من حديث أبي هريرة : بينما عمر يخطب يوم الجمعة؛ إذ دخل عثمان ؛ فعرض به؛ فقال: " ما بال رجال يتأخرون بعد النداء؟!" ؛ فقال عثمان : " يا أمير المؤمنين ؛ ما زدت حين سمعت الأذان أن توضأت ثم أقبلت" ؛ فقال عمر : " والوضوء أيضا؟! ألم تسمعوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول:..." ؛ فذكره؛ كذا في مسلم ؛ وظاهر صنيع المصنف أنه لم يروه من الستة إلا ثلاثة؛ ولا كذلك؛ بل رواه الجماعة إلا أبا داود؛ ومن عزاه للكل كصاحب المنتقي؛ فقد وهم؛ وقد اعتنى بتخريج هذا الحديث أبو عوانة ؛ في صحيحه؛ فساقه من طريق سبعين راويا؛ رووه عن نافع ؛ ثم جمع ابن حجر طرقه؛ فبلغ أسماء من رووه عن نافع مائة وعشرين.

التالي السابق


الخدمات العلمية