صفحة جزء
54 - " أبغض الخلق إلى الله من آمن ثم كفر " ؛ تمام؛ عن معاذ .


( أبغض الخلق ) ؛ أي: الخلائق؛ يقال: " هم خليقة الله" ؛ و" هم خلق الله" ؛ قال الزمخشري : ومن المجاز: " خلق الله الخلق" ؛ أوجده؛ على تقدير أوجبته الحكمة؛ و" هو رب الخليقة؛ والخلائق" ؛ (إلى الله؛ من) ؛ أي: مكلف؛ ولفظ رواية تمام: " لمن" ؛ باللام؛ (آمن) ؛ أي: صدق وأذعن وانقاد لأحكامه؛ (ثم كفر) ؛ أي: ارتد؛ خصه من بين أصناف الكفار بهذه المبالغة؛ والتشديد؛ وأبرز ذمه في هذا النظم العجيب؛ حيث أبهمه غاية الإبهام؛ نعيا عليه؛ وتعجبا من شأنه؛ حيث فعل ما فعل؛ يعني: انظروا إلى هذا الخبيث اللعين؛ وقبيح ما ارتكبه؛ حيث فعل ما لم يرض العاقل أن ينسب [ ص: 80 ] إليه؛ وهو أنه اشترى الضلالة بالهدى؛ فهو جدير بكونه أبغض الكفرة إلى ربه؛ وأمقتهم عنده؛ لاستعداده للاهتداء وقبوله له؛ ثم نكوصه على عقبيه؛ والقصد بذلك التوبيخ؛ والتعيير؛ فعسى أن يرتدع بالتشنيع عليه؛ وتفظيع شأنه؛ وتهجين سيرته؛ وتقبيح سريرته؛ ويظهر أن من قتل نبيا مثله؛ أو أبغض؛ وكذا من شهد المصطفى فيه بأنه أشقى الناس؛ وعليه فالمراد أنه " من أبغض" .

(تمام) ؛ في فوائده؛ من حديث أحمد البرقي؛ عن عمرو بن أبي سلمة ؛ عن صدقة بن عبد الله ؛ عن نصر بن علقمة ؛ عن ابن عائذ؛ عن عمرو بن الأسود ؛ (عن معاذ ) ؛ بضم الميم؛ وفتح المهملة؛ وبمعجمة؛ (ابن جبل) ؛ ضد السهل بن عمرو بن أوس الأنصاري؛ من نجباء الصحابة؛ قال أنس : جمع معاذ القرآن في حياة الرسول؛ وكان أمة قانتا؛ وقضية تصرف المؤلف أن هذا لم يخرجه أحد من المشاهير الذين وضع لهم الرموز؛ والأمر بخلافه؛ فقد خرجه الطبراني باللفظ المزبور؛ من هذا الوجه؛ قال الهيتمي: وفيه صدقة بن عبد الله السمين؛ وثقه أبو حاتم ؛ وضعفه أحمد ؛ وبقية رجاله ثقات؛ وبه يتجه رمز المؤلف لحسنه.

التالي السابق


الخدمات العلمية