صفحة جزء
569 - " إذا خاف الله العبد؛ أخاف الله منه كل شيء؛ وإذا لم يخف العبد الله؛ أخافه الله من كل شيء " ؛ (عق)؛ عن أبي هريرة ؛ (ض).


(إذا خاف الله العبد) ؛ قدم المفعول؛ اهتماما بالخوف؛ وحثا عليه؛ (أخاف الله منه كل شيء) ؛ من المخلوقات؛ (وإذا لم يخف العبد الله؛ أخافه الله من كل شيء) ؛ لأن الجزاء من جنس العمل؛ كما تدين؛ تدان؛ فكما شهد للحق بالتعظيم؛ ولم يتعد حدود الحكيم؛ ألبسه الهيبة؛ فهابه الخلق بأسرهم؛ وحكم عكسه عكس حكمه؛ وقال بعض مشايخنا: وقد عملت على ذلك؛ فلا أهاب سبعا؛ ولا سفرا في ليل مظلم؛ وإن وقع مني خوف من جهة الجزء البشري؛ فلا يكاد يظهر؛ وبت مرة في ضريح مهجور؛ في ليلة مظلمة؛ فصار كبار الثعابين تدور حولي إلى الصباح؛ ولم يتغير مني شعرة؛ لغلبة عسكر اليقين والتوكل؛ قال الطيبي: والمراد بالخوف كف جوارحه عن المعصية؛ وتقييدها بالطاعة؛ وإلا فهو حديث نفس؛ وحركة خاطر؛ لا يستحق أن يسمى " خوفا" ؛ وذلك عند مشاهدة سبب هائل؛ فإذا غاب ذلك السبب عن الحس؛ عاد القلب إلى غفلته؛ ولهذا قال الفضيل : إذا قيل لك: هل تخاف الله؟ فاسكت؛ فإنك إذا قلت: لا؛ كفرت؛ وإن قلت: نعم؛ كذبت؛ وقال الحكيم: المراد بخوف الله: خوف عظمته؛ لا عقابه؛ فإذا حل الخوف القلب؛ غشاه بالمحبة؛ فيكون بالخوف معتصما مما كره؛ دق؛ أو جل؛ وبالمحبة منبسطا في كل أموره؛ ولو ترك مع الخوف وحده لانقبض؛ وعجز عن معاشه؛ ولو ترك مع المحبة؛ لاشتد وتعدى؛ لاستيلاء الفرح على قلبه؛ فلطف الحق به؛ فجعل الخوف بطانته؛ والمحبة ظهارته؛ ليستقيم حاله؛ ويرقى إلى مقام الهيبة والأنس؛ فالهيبة من جلاله؛ والأنس من جماله.

(تتمة) : قال بعض العارفين: من أحب غير الله عذب به؛ ومن خاف غير الله سلط عليه؛ ومن آخى غير الله خذل منه.

(عن أبي هريرة ) ؛ قال ابن الجوزي : حديث لا يصح؛ وقال: أبو زرعة ؛ عمرو بن زياد ؛ [ ص: 333 ] أي أحد رجاله؛ كذاب؛ وأحاديثه موضوعة؛ وقال ابن عدي : يسرق الحديث؛ ويحدث بالبواطيل؛ قال الدارقطني : يضع.

التالي السابق


الخدمات العلمية