صفحة جزء
578 - " إذا خطب أحدكم المرأة؛ فلا جناح عليه أن ينظر إليها؛ إذا كان إنما ينظر إليها لخطبته؛ وإن كانت لا تعلم " ؛ (حم طب) ؛ عن أبي حميد الساعدي ؛ (ح).


(إذا خطب أحدكم) ؛ أي: أراد أن يخطب؛ بدليل قوله في الخبر المار: " إذا ألقى الله في قلب امرئ" ؛ (المرأة) ؛ حرة؛ أو أمة؛ (فلا جناح) ؛ أي: لا إثم؛ ولا حرج؛ (عليه) ؛ في؛ (أن ينظر إليها) ؛ أي: إلى وجهها؛ وكفيها؛ لا إلى غير ذلك؛ لأن ذلك يدل على ما يريده منها؛ فلا حاجة لما عداه؛ وإنما يكون الجناح عنه مرفوعا (إذا كان إنما ينظر إليها لخطبته) ؛ أي: إذا كان محض قصده لذلك؛ بخلاف ما إذا كان قصده برؤيتها ألا يتزوجها؛ بل ليعلم هل هي جميلة أم لا؛ مثلا؛ وجعل الخطبة وسيلة إلى ذلك؛ فعليه الإثم؛ فالمأذون فيه النظر؛ بشرط قصد النكاح؛ إن أعجبته؛ وحينئذ ينظر إليها؛ (وإن كانت لا تعلم) ؛ أي: وإن كانت غير عالمة بأنه ينظر إليها؛ كأن يطلع عليها من كوة؛ وهي غافلة؛ أو المراد: لا تعلم أنه يريد خطبتها؛ وفيه رد على من كره استغفالها؛ كمالك؛ وإبطال لمن اشترط إذنها؛ وعلم مما تقرر من أن معنى " خطب" ؛ أراد أنه لا يندب النظر بعد الخطبة؛ لأنه قد يعرض؛ فتتأذى هي؛ أو أهلها؛ لكنه مع ذلك سائغ؛ لأن فيه مصلحة أيضا؛ فما زعمه بعضهم من حرمته؛ تمسكا بأن إذن الشرع لم يقع إلا فيما قبل الخطبة؛ ممنوع.

(تنبيه) : " الخطبة" ؛ بكسر الخاء: ما يفعله الخاطب من الطلب والاستلطاف والاستعطاف؛ قولا؛ وفعلا؛ فقيل: هي من " الخطب" ؛ أي: الشأن الذي له خطر؛ لأنها شأن من الشؤون؛ ونوع من الخطوب؛ وقيل: هو من " الخطاب" ؛ لأنها نوع مخاطبة؛ تجري بين جانب الرجل؛ والمرأة.

(حم طب) ؛ من حديث زهير ؛ (عن أبي حميد) ؛ بالتصغير؛ (الساعدي) ؛ بكسر العين المهملة؛ عبد الرحمن ؛ وقيل: المنذري؛ رمز المؤلف لحسنه؛ وقال الهيتمي - بعد عزوه لأحمد والطبراني -: شك زهير ؛ فقال: عن أبي حميد؛ أو أبي حميدة؛ ورواه البزار بغير شك؛ قال ابن حجر: وله شاهد عند أبي داود والحاكم ؛ عن جابر ؛ رفعه؛ وشاهد من حديث محمد بن سلمة؛ عن ابن حبان ؛ وغيره؛ انتهى؛ وقضيته إقامة الشواهد عليه أنه لا يخلو عن ضعف؛ ولا كذلك؛ فقد قال الهيتمي رجال أحمد رجال الصحيح.

التالي السابق


الخدمات العلمية