صفحة جزء
59 - " أبلغوا حاجة من لا يستطيع إبلاغ حاجته؛ فمن أبلغ سلطانا حاجة من لا يستطيع إبلاغها؛ ثبت الله قدميه على الصراط يوم القيامة " ؛ (طب)؛ عن أبي الدرداء ؛ (ح).


(أبلغوا) ؛ أوصلوا؛ قال القاضي: " البلوغ" : الوصول إلى الشيء؛ ويقال للدنو منه على الاتساع؛ ومنه قوله (تعالى): فبلغن أجلهن ؛ (حاجة من لا يستطيع) ؛ أي: يطيق؛ (إبلاغ حاجته) ؛ بنفسه؛ لي؛ أو إلى ذي سلطان؛ وهذا أمر ظاهره الوجوب؛ والترغيب فيه بالوعد بالثواب لا يصلح صارفا للندب؛ قال جمع: ولا شك في الوجوب في زمنه؛ لأن عدم ضجره؛ وكثرة صبره؛ محقق؛ وأما بعده فشرطه سلامة العاقبة؛ قال الراغب : و" الحاجة إلى الشيء" : الفقر إليه؛ مع محبته؛ قال الزمخشري : ما يحتاج إليه ويطلب؛ (فمن أبلغ سلطانا) ؛ أي: إنسانا ذا قوة واقتدار على إنفاذ ما يبلغه؛ ولو غير ملك وأمير؛ (حاجة من لا يستطيع إبلاغها) ؛ دينية؛ أو دنيوية؛ (ثبت الله) ؛ دعاء؛ أو خبر؛ (قدميه) ؛ أقرهما؛ وقواهما؛ (على الصراط) ؛ الجسر المضروب على متن جهنم؛ (يوم القيامة) ؛ لأنه لما حركهما في إبلاغ حاجة هذا العاجز؛ جوزي بمثلها؛ وهي ثباتهما على الصراط يوم تزل الأقدام؛ وبه يخرج الجواب عما قيل: " الجزاء من جنس العمل" ؛ وفعل المبلغ التبليغ؛ فالمناسب أن يقال: " بلغت عنه" ؛ وأصل " الصراط" : الطريق الخطر السلوك؛ وهو كـ " الطريق" ؛ في التذكير؛ والتأنيث؛ وبينهما في المعنى فرق لطيف؛ هو أن " الطريق" : كل ما يطرقه طارق؛ معتادا كان أو لا؛ و" السبيل" ؛ من الطريق: ما اعتيد سلوكه؛ و" الصراط" ؛ من السبيل: ما لا التواء فيه؛ ولا اعوجاج؛ فهو أخص الثلاثة؛ والمراد به هنا ما ينصب بين ظهراني جهنم يوم الجزاء؛ وتحفه خطاطيف وكلاليب [ ص: 84 ] تجري أحوال الناس معها في يوم القرار على حسب مجراهم مع حقائقها ابتداء في هذه الدار؛ ثم المراد بالأفعال الواقعة في هذا الخبر وما قبله وبعده: إيجاد حقائقها على الدوام.

(طب)؛ وكذا أبو الشيخ ؛ (عن أبي الدرداء ) ؛ وفيه إدريس بن يوسف الحراني ؛ قال في اللسان عن ذيل الميزان: لا يعرف حاله؛ ثم إن المؤلف تبع في عزوه للطبراني الديلمي ؛ قال السخاوي : وهو وهم؛ والذي فيه عنه بلفظ: " رفعه الله في الدرجات العلى في الجنة" ؛ وأما لفظ الترجمة فرواه البيهقي في الدلائل عن علي؛ وفيه من لم يسم؛ انتهى؛ فكان الصواب عزوه للبيهقي عن علي .

التالي السابق


الخدمات العلمية