صفحة جزء
594 - " إذا دخلتم بيتا؛ فسلموا على أهله؛ فإذا خرجتم؛ فأودعوا أهله بسلام " ؛ (هب)؛ عن قتادة ؛ مرسلا.


(إذا دخلتم بيتا) ؛ أي: مكانا؛ يعني: إذا وصلتم إلى محل فيه مسلمون؛ فالتعبير بالدخول؛ وبالبيت؛ غالبي؛ وكذلك لفظ الجمع؛ (فسلموا على أهله) ؛ أي: سكانه؛ بذلا للأمان؛ وإقامة لشعار أهل الإيمان؛ وقد كان المصطفى - صلى الله عليه وسلم - يواظب على ذلك؛ (فإذا خرجتم منه) ؛ أي: أردتم الخروج؛ (فأودعوا أهله) ؛ أي: فارقوهم؛ واتركوهم؛ (بسلام) ؛ أي: سلموا عليهم عند مفارقتكم إياهم؛ فليست الأولى بأحق من الآخرة؛ قال الطيبي: قوله: " أودعوا" ؛ من " الإيداع" ؛ أي: اجعلوا السلام وديعة عندهم؛ كي ترجعوا إليهم وتستردوا وديعتكم؛ فإن الودائع تستعاد؛ وتفاؤلا للسلامة؛ والمعاودة؛ مدة بعد أخرى؛ وأنشد:


ولا بد لي من جهلة في وصاله ... فمن لي بخل أودع الحلم عنده



اللطف فيه أنه لم يفارق على مفارقة الحلم؛ لأن الودائع تستعاد؛ وتسمى الثانية " سلام توديع ومتاركة" ؛ يقال: " ودعته؛ أودعه؛ ودعا" ؛ تركته؛ وابتداء السلام على من لقيه؛ أو فارقه من المسلمين؛ ولو صبيا؛ سنة؛ ومن الجماعة سنة كفاية؛ ولا يترك خوفا من عدم الرد؛ كما اقتضاه إطلاق الحديث؛ وأفضل صيغه: " السلام عليكم" ؛ أو " سلام عليكم" ؛ بالتنوين؛ ولو على واحد.

(هب؛ عن قتادة ) ؛ ابن دعامة السدوسي؛ أي: الخطاب؛ البصري؛ (مرسلا) ؛ ثم قال مخرجه البيهقي : هكذا جاء مرسلا؛ انتهى؛ والبيهقي رواه عن أبي الحسين بن بشران؛ عن إسماعيل الصفار؛ عن أحمد بن منصور ؛ عن عبد الرزاق ؛ عن معمر ؛ عن قتادة ؛ وابن بشران وثق؛ والصفار قال في اللسان: ثقة؛ مشهور؛ وأخطأ ابن حزم حيث جهله؛ وابن منصور ثبت؛ وعبد الرزاق من الأعلام؛ فهو مرسل جيد الإسناد.

التالي السابق


الخدمات العلمية