صفحة جزء
615 - " إذا ذكر أصحابي؛ فأمسكوا؛ وإذا ذكرت النجوم؛ فأمسكوا؛ وإذا ذكر القدر؛ فأمسكوا " ؛ (طب)؛ عن ابن مسعود ؛ (عد)؛ عن ابن مسعود ؛ وثوبان؛ (عد)؛ عن عمر ؛ (ح).


(إذا ذكر أصحابي) ؛ بما شجر بينهم من الحروب والمنازعات؛ (فأمسكوا) ؛ وجوبا؛ عن الطعن فيهم؛ والخوض في ذكرهم بما لا يليق؛ فإنهم خير الأمة وخير القرون؛ ولما جرى بينهم محامل؛ (وإذا ذكرت النجوم) ؛ أي: أحكامها؛ ودلالتها؛ وتأثيراتها؛ (فأمسكوا) ؛ عن الخوض فيها؛ لما مر؛ (وإذا ذكر القدر) ؛ بالفتح؛ وبالسكون؛ ما يقدره الله (تعالى) من القضاء؛ وبالفتح اسم لما صدر مقدورا عن فعل القادر؛ كـ " الهدم" ؛ لما صدر من فعل الهادم؛ ذكره الطيبي؛ قال القاضي: بالتحريك: تعلق الأشياء بالإرادة في أوقاتها الخاصة؛ (فأمسكوا) ؛ عن محاورة أهله؛ ومقاولتهم؛ لما في الخوض في الثلاثة من المفاسد التي لا تحصى؛ كما مر؛ قال البغوي : " القدر" ؛ سر الله؛ لم يطلع عليه ملكا مقربا؛ ولا نبيا مرسلا؛ لا يجوز الخوض فيه؛ والبحث عنه من طريق [ ص: 348 ] العقل؛ بل يعتقد أنه (تعالى) خلق الخلق؛ فجعلهم فريقين: أهل يمين؛ خلقهم للنعيم؛ فضلا؛ وأهل شمال؛ خلقهم للجحيم؛ عدلا؛ قال (تعالى): ولقد ذرأنا لجهنم كثيرا من الجن والإنس ؛ وسأل عليا - كرم الله وجهه - رجل؛ فقال: يا أمير المؤمنين ؛ أخبرني عن القدر؛ قال: " طريق مظلم؛ لا تسلكه" ؛ فأعاد السؤال؛ فقال: " بحر عميق؛ لا تلجه" ؛ فأعاد؛ فقال: " سر الله؛ قد خفي عليك؛ فلا تفشه" ؛ فأمر المصطفى - صلى الله عليه وسلم - بالإمساك عن الخوض فيه؛ لأن من يبحث فيه لا يأمن أن يصير قدريا؛ أو جبريا؛ ولذلك شدد فيه غاية التشديد؛ فقال في حديث الترمذي : " عزمت - أي: أقسمت - عليكم ألا تتنازعوا فيه؛ إنما هلك من كان قبلكم حين تنازعوا في هذا الأمر" ؛ فأشار إلى أن من تكلم من الأمم الماضية فيه عجل الله إهلاكهم.

(تنبيه) : قال بعض العارفين: دخل ابن قانع على بلال بن أبي بردة في يوم حار؛ وهو في روضة؛ وعنده الثلج؛ فقال بلال : كيف ترى بيتنا هذا؟ قال: إنه لطيب؛ والجنة أطيب منه؛ وذكر النار يلهي عنه؛ قال: ما تقول في القدر؟ قال: جيرانك أهل القبور تفكر فيهم؛ فإن فيهم شغلا عنه؛ قال: ادع لي؛ قال: ما تصنع بدعائي وببابك جمع؛ كل منهم يقول: إنك ظلمته؛ يرتفع دعاؤهم قبل دعائي؟! لا تظلم؛ فلا تحتاج لدعائي.

(طب؛ عن ابن مسعود ؛ وعن ثوبان ) ؛ الهاشمي؛ مولى المصطفى - صلى الله عليه وسلم -؛ (عد؛ عن عمر ) ؛ قال الحافظ العراقي : في سنده ضعف؛ وقال الهيتمي: فيه يزيد بن ربيعة؛ ضعيف؛ وقال ابن رجب: روي من وجوه في أسانيدها كلها مقال؛ وبه يعرف ما في رمز المؤلف لحسنه؛ تبعا لابن صصرى؛ ولعله اعتضد.

التالي السابق


الخدمات العلمية