صفحة جزء
66 - " ابن أخت القوم منهم " ؛ (حم ق ت ن) ؛ عن أنس ؛ (د)؛ عن أبي موسى ؛ (طب)؛ عن جبير بن مطعم ؛ وعن ابن عباس ؛ وعن أبي مالك الأشعري؛ (صح).


(ابن أخت القوم منهم) ؛ لأنه ينسب إلى بعضهم؛ وهي أمه؛ فهو متصل بأقربائه في كل ما يجب أن يتصل به؛ [ ص: 88 ] كنصرة ومشورة ومودة وإفشاء سر ومعونة وبر وشفقة وإكرام؛ ونحو ذلك؛ قال الطيبي: فـ " من" ؛ اتصالية؛ ومن هذا التقرير تبين أنه لا حجة فيه لمن قال بتوريث ذوي الأرحام؛ قال ابن أبي جمرة : وحكمة ذكر ذلك إبطال ما كان عليه أهل الجاهلية من عدم الالتفات إلى أولاد البنات؛ فضلا عن أولاد الأخوات؛ حتى قال قائلهم:


بنونا بنو أبنائنا وبناتنا ... بنوهن أبناء الرجال الأباعد



فقصد بالحديث التحريض على الألفة بين الأقارب؛ قال بعض الأعاظم: ومما يدل على أن الحديث ليس على عمومه أنه لو كان عاما جاز أن ينسب إلى خاله مثلا؛ وكان معارضا للحديث الصحيح: " من ادعى إلى غير أبيه وهو يعلم أنه غير أبيه فالجنة عليه حرام" ؛ إلى غير ذلك من الأحاديث المصححة المصرحة بالوعيد الشديد على ذلك؛ فعلم أنه خاص؛ وأن المراد به أنه منهم في الصلة والمعونة والمدافعة عنه؛ و" الابن" : من " البناء" ؛ لأنه مبنى أبيه؛ كما مر؛ و" الأخت" ؛ تأنيث " الأخ" ؛ وجعل التاء فيها كالعوض من المحذوف منه؛ وهو الواو؛ إذ أصله " أخو" .

(حم ق ت ن؛ عن أنس ) ؛ ابن مالك ؛ (د)؛ وكذا أحمد والطبراني ؛ (عن أبي موسى) ؛ الأشعري ؛ (طب)؛ وكذا الضياء؛ في المختارة؛ (عن جبير ) ؛ بضم الجيم؛ مصغرا؛ (ابن مطعم) ؛ بضم الميم؛ وسكون الطاء؛ وكسر العين؛ وبكسر الميم؛ وكسر المهملة الثانية؛ حكاه الكرماني؛ وهو ابن عدي بن نوفل القرشي؛ من سادات قريش وأعاظمها؛ أسلم يوم " حنين" ؛ أو يوم الفتح؛ وحسن إسلامه؛ وكان حليما وقورا سيدا سندا؛ (وعن ابن عباس ) ؛ ترجمان القرآن؛ (وعن أبي مالك ) ؛ كعب بن عاصم ؛ أو عبيد؛ أو عمرو ؛ أو الحارث ؛ (الأشعري) ؛ صحابي مشهور؛ يعد في الشاميين؛ ورواه أيضا أبو يعلى ؛ والحاكم ؛ وزاد بيان السبب؛ وهو أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لعمر : " اجمع لي من هنا؛ من قريش" ؛ فجمعهم؛ ثم قال: أتخرج إليهم؛ أم يدخلون؟ قال: " أخرج" ؛ فخرج؛ فقال: " يا معشر قريش؛ هل فيكم من غيركم؟" ؛ قالوا: لا؛ إلا ابن أختنا؛ فذكره؛ ثم قال: " يا معشر قريش؛ إن أولى الناس بي المتقون؛ فانظروا؛ لا يأتي الناس بالأعمال يوم القيامة وتأتون بالدنيا تحملونها؛ فأصد عنكم بوجهي" ؛ قال أبو البقاء : في " من" ؛ وجهان؛ أحدهما: زائدة؛ والتقدير: " هل فيكم غيركم" ؛ الثاني: صفة لموصوف محذوف؛ أي: " أحد من غيركم" ؛ كقوله (تعالى): ومن أهل المدينة مردوا على النفاق ؛ أي: " قوم مردوا" ؛ على كل فالكلام تام؛ وقولهم في الجواب: " إلا ابن أختنا" ؛ يجوز رفعه على البدل؛ ونصبه على الاستثناء.

التالي السابق


الخدمات العلمية