صفحة جزء
681 - " إذا سقطت لقمة أحدكم فليمط ما بها من الأذى؛ وليأكلها؛ ولا يدعها للشيطان؛ ولا يمسح يده بالمنديل حتى يلعقها؛ أو يلعقها؛ فإنه لا يدري في أي طعامه البركة " ؛ (حم م ن هـ) عن جابر .


(إذا سقطت) ؛ وفي رواية: " وقعت" ؛ (لقمة أحدكم) ؛ عند إرادة أكلها؛ قال ابن العربي: وذلك إما من منازعة الشيطان فيها؛ حين لم يسم الله عليها؛ أو بسبب آخر؛ ويرجح الأول قوله الآتي: " ولا يدعها للشيطان" ؛ إذ هو إنما يستحل الطعام إذا لم يذكر اسم الله عليه؛ انتهى؛ وهو صريح في أنه لم يذكر اسم الله عليه؛ ثم سقطت؛ لا يندب له أخذها؛ وأكلها؛ ويكاد يكون باطلا؛ لمنافرته لإطلاق الحديث بلا موجب؛ (فليمط) ؛ بلام الأمر؛ (ما بها من الأذى) ؛ من تراب؛ ونحوه؛ مما يعاف؛ وإن تنجست طهرها؛ إن أمكن؛ وإلا أطعمها حيوانا؛ (وليأكلها) ؛ أو يطعمها غيره؛ (ولا يدعها) ؛ أي: يتركها؛ ندبا؛ (للشيطان) ؛ إبليس؛ أو الجنس؛ لما فيه من إضاعة نعمة الله؛ واحتقارها؛ والمانع من تناول تلك اللقمة الكبر غالبا؛ وذلك مما يحبه الشيطان؛ ويرضاه للإنسان؛ ويدعو إليه؛ إلا أنه يأخذها ويأكلها؛ ولا بد؛ وقوله: " سقطت" ؛ أي: من يده؛ أو من فمه بعد وضعها فيه؛ [وليس بعد مضغها]؛ وذلك لما فيه من استقذار الحاضرين؛ قال الولي العراقي: ويتأكد ذلك بالمضغ؛ لأنها بعد رميها على هذه الحالة لا ينتفع بها؛ لعيافة النفوس لها؛ (ولا يمسح يده بالمنديل؛ حتى يلعقها) ؛ بفتح أوله: يلحسها هو؛ (أو يلعقها) ؛ بضمه؛ أي: يلحسها لغيره من إنسان لا يستقذرها؛ كزوجة؛ وولد؛ وخادم؛ أو حيوان طاهر؛ (فإنه لا يدري في أي طعامه) ؛ تكون؛ (البركة) ؛ أي: الخير الكثير؛ والتغذية؛ والقوة على الطاعة؛ أهو فيما بقي على الأصابع؛ أو الإناء؛ أو في اللقمة الساقطة؟ فإن كان فيها فيفوته بفوتها خير كثير؛ وفيه حل التمندل بعد الطعام؛ قال ابن العربي: وقد كانوا يلعقون ويمسحون ثم يغسلون؛ وقد لا؛ وكذا تفعل العرب؛ لا تغسل يدها حتى تمسح؛ وحكمته أن الماء إذا رد على اليد قبل مسحها ترك ما عليها من زفر ودسم؛ وزاد قذرا؛ وإذا مسحها لم يبق إلا أثر قليل يزيله الماء.

(حم م ن هـ؛ عن جابر ) ؛ وعن أنس أيضا.

التالي السابق


الخدمات العلمية