صفحة جزء
747 - " إذا ظننتم؛ فلا تحققوا؛ وإذا حسدتم؛ فلا تبغوا؛ وإذا تطيرتم؛ فامضوا؛ وعلى الله فتوكلوا؛ وإذا وزنتم فأرجحوا " ؛ (هـ)؛ عن جابر ؛ (ض).


(إذا ظننتم؛ فلا تحققوا) ؛ بحذف إحدى التاءين؛ تخفيفا؛ أي: لا تجعلوا ما قام عندكم من الظن محققا في نفوسكم؛ محكمين للظن؛ ويجوز كونه بضم أوله؛ وكسر القاف؛ أي: إذا ظننتم بأحد سوءا؛ فلا تحققوه في نفوسكم بقول؛ ولا فعل؛ لا بالقلب؛ ولا بالجوارح؛ أما بالقلب فيصيره إلى النفرة؛ والكراهة؛ وفي الجوارح بعدم العمل بموجبه؛ والشيطان يقرب على قلب الإنسان مساوئ الناس بأدنى مخيلة؛ ويلقي إليه أن هذا من فطنته وسرعة ذكائه؛ وأن المؤمن ينظر بنور الله؛ وهو على التحقيق ناظر بغرور الشيطان؛ وظلمته؛ نعم؛ إن أخبره به عدل؛ فظن صدقه؛ عذر؛ لأن تكذيبه سوء للظن به؛ فلا ينبغي أن يحسن ظنه بواحد؛ ويسيئه بآخر؛ لكن يبحث عما قد يكون بينهما من عداوة وحقد؛ مما تتطرق التهم بسببه؛ ذكره الغزالي؛ قال: وسوء الظن حرام؛ كسوء القول؛ وكما يحرم أن تحدث غيرك بمساوئ إنسان؛ يحرم أن تحدث نفسك بذلك؛ (وإذا حسدتم؛ فلا تبغوا) ؛ أي: إذا وسوس لكم الشيطان بحسد أحد؛ فلا تطيعوه؛ ولا تعملوا بمقتضى الحسد من البغي على الحسود؛ وإيذائه؛ بل خالفوا النفس؛ والشيطان؛ وداووا القلب من ذلك الداء العضال؛ (وإذا تطيرتم؛ فامضوا) ؛ أي: إذا خرجتم لنحو سفر؛ فرأيتم؛ أو سمعتم ما فيه كراهة؛ فلا ترجعوا عن مقصدكم؛ فإنه لا شيء أضر بالرأي؛ ولا أفسد للتدبير من اعتقاد الطيرة؛ ومن ظن أن نعيق غراب؛ أو خوار بقرة؛ يرد قضاء؛ أو يدفع مقدورا؛ أو يورث ضررا؛ فقد ضل ضلالا بعيدا؛ وخسر خسرانا مبينا؛ إلا أنه قلما يخلو إنسان من الطيرة؛ فإذا أصابكم ذلك؛ فلا تجعلوا للشيطان عليكم سبيلا؛ (وعلى الله فتوكلوا) ؛ أي: عليه؛ لا على غيره؛ وفوضوا أموركم؛ والتجئوا إليه؛ ليدفع عنكم ما تطيرتم به؛ قال في الكشاف: و" التوكل" : تفويض الرجل أمره إلى من يملك أمره؛ ويقدر على نفعه؛ وضره؛ (وإذا وزنتم) ؛ شيئا لمن يشتري منكم؛ مثلا؛ (فأرجحوا) ؛ بقطع الهمزة؛ وكسر الجيم؛ لئلا تكون صفقتكم كصفقة المطففين؛ الذين إذا اكتالوا على الناس يستوفون؛ ويسترجحون؛ وإذا كالوهم أو وزنوهم؛ يخسرون.

(تنبيه): جرت العادة الإلهية أن من تطير من شيء؛ أصابه غالبا؛ وقع للسلطان خشقدم أن بنت زوجته خوند الأحمدية ماتت في رابع ذي القعدة سنة ست وسبعين وثمانمائة؛ فجلس كاتب السر البرهان الديري؛ أخو العلامة قاضي القضاة سعد الدين؛ بجانب جانبك الداودار الكبير؛ لانتظار الجنازة؛ فقال له البرهان: ما خرج ميت يوم السبت إلا وتبعه اثنان؛ فقال له الداودار: أمها مريضة؛ فقال: وأكبر منها - وعنى به السلطان -؛ فلما انقضى المجلس أخبر الداودار السلطان بما قال كاتب السر؛ فلما صعد للخدمة على العادة قال له: أنت قلت كذا؟ فأطرق؛ فسل السيف؛ وأراد ضرب عنقه؛ فشفع فيه؛ فعزله؛ وصادره؛ ففي رابع عشر الشهر المذكور مات للسلطان ولد وعمره عامان؛ ثم في حادي عشر ذي الحجة من السنة المذكورة ابتدأ بالسلطان مرض؛ فتعلل مدة؛ ثم مات.

(هـ؛ عن جابر ) ؛ ورواه عنه أيضا الديلمي ؛ وهو ضعيف؛ لكن له شواهد.

التالي السابق


الخدمات العلمية