صفحة جزء
751 - " إذا ظهرت البدع؛ ولعن آخر هذه الأمة أولها؛ فمن كان عنده علم فلينشره؛ فإن كاتم العلم يومئذ ككاتم ما أنزل الله على محمد " ؛ ابن عساكر ؛ عن معاذ ؛ (ض).


(وإذا ظهرت البدع) ؛ المذمومة؛ كالوقيعة في الصحابة؛ والطعن في السلف الصالح؛ (ولعن آخر هذه الأمة أولها؛ فمن كان عنده علم) ؛ بفضل الصدر الأول؛ وما للسلف من المناقب الحميدة؛ والمآثر الجميلة؛ (فلينشره) ؛ أي: يظهره؛ بين الخاصة؛ والعامة؛ ليعلم الجاهل فضل المتقدم؛ وينزجر عن قبيح قوله؛ ويبين للناس ما أظهروه من الدين؛ وأصلوه من الأحكام؛ الذي استوجبوا به الإعظام؛ ونهاية الإكرام؛ (فإن كاتم العلم يومئذ) ؛ أي: يوم ظهور البدع؛ ولعن الآخر الأول؛ (ككاتم ما أنزل الله على محمد) ؛ فيلجم يوم القيامة بلجام من نار؛ كما جاء في عدة أخبار؛ قال الغزالي: والعلماء أطباء الدين؛ فعليهم أن يتكفل كل عالم منهم بقطره؛ أو محلته؛ فيأمر بالمعروف؛ وينهى عن المنكر؛ ويعلمهم أمر دينهم؛ ويميز البدعة؛ من السنة؛ وما يضرهم؛ عما ينفعهم؛ وما يشقيهم؛ عما يسعدهم؛ ولا يصبر حتى يسأل منه؛ بل يتصدى للدعوة بنفسه؛ لأنهم ورثة الأنبياء؛ والأنبياء ما تركوا الناس على جهلهم؛ بل كانوا [ ص: 402 ] ينادونهم في مجامعهم؛ ويدورون على دورهم؛ فإن مرضاء القلوب لا يعرفون مرضهم؛ فهذا فرض عين على كافة العلماء؛ أهـ؛ وقال في موضع آخر: هذا الحديث فيما إذا كان العالم بينهم فسكت؛ قال: ولا يجوز له الخروج من بينهم حينئذ؛ ولا العزلة؛ وحكي أن الأستاذ ابن فورك؛ قصد الانفراد للتعبد؛ فبينما هو في بعض الجبال؛ سمع صوتا ينادي: يا أبا بكر ؛ إذ قد صرت من حجج الله على خلقه؛ تترك عباد الله؟! فرجع؛ وكان سبب صحبته للخلق؛ قال: وذكر لي مأمون بن أحمد أن الأستاذ أبا إسحاق قال لعباد جبل لبنان: يا أكلة الحشيش؛ تركتم أمة محمد - صلى الله عليه وسلم - في أيدي المبتدعة؛ واشتغلتم ههنا بأكل الحشيش؟! قالوا: إنا لا نقوى على صحبة الناس؛ وإنما أعطاك الله قوة؛ فلزم ذلك؛ فصنف بعده كتابه الجامع بين الجلي؛ والخفي.

( ابن عساكر ) ؛ في تاريخه؛ (عن معاذ ) ؛ ابن جبل؛ ورواه عنه أيضا الديلمي ؛ بلفظ: " إذا ظهرت البدع في أمتي؛ وشتم أصحابي؛ فليظهر العالم علمه؛ فإن لم يفعل ذلك فعليه لعنة الله" .

التالي السابق


الخدمات العلمية