صفحة جزء
755 - " إذا عطس أحدكم؛ فحمد الله؛ فشمتوه؛ وإذا لم يحمد الله؛ فلا تشمتوه " ؛ (حم خد م)؛ عن أبي موسى ؛ (صح).


[ ص: 403 ] (إذا عطس أحدكم) ؛ بفتح الطاء؛ (فحمد الله) ؛ وأسمع من بقربه؛ حيث لا مانع؛ وذلك شكرا لله على نعمته بالعطاس؛ لأنه بخرات الرأس؛ الذي هو معدن الحس؛ وهو الفكر؛ وبسلامته تسلم الأعضاء؛ فهو جدير بأن يشكر عليه؛ (فشمتوه) ؛ بشين معجمة؛ من " الشوامت" ؛ وهي القوائم؛ هذا هو الأشهر؛ والذي عليه الأكثر؛ وروي بمهملة؛ من " السمت" ؛ وهو قصد الشيء؛ وصفته؛ أي: ادعوا الله بأن يرد شوامته؛ أي: قوائمه؛ أو سمته على حاله؛ لأن العطاس يحل مرابط البدن؛ ويفصل معاقده؛ فمعنى " رحمك الله" : أعطاك رحمة ترجع بها إلى حالك الأول؛ أو يرجع بها كل عضو إلى سمته؛ والأمر للندب؛ عند الجمهور؛ وقال ابن دقيق العيد: ظاهر الخبر الوجوب؛ ومال إليه وأيده ابن القيم؛ وعليه فقيل: هو عيني؛ وقيل: كفاية؛ (وإذا لم يحمد الله فلا تشمتوه) ؛ فيكره تنزيها؛ لأن غير الشاكر لا يستحق الدعاء؛ ويسن لمن عنده ذكر الحمد؛ ليحمده؛ وقال النووي : وأخطأ ابن العربي في قوله: لا يفعله؛ قال النووي : وأقل الحمد والتشميت أن يسمع صاحبه؛ وأخذ منه أنه لو أتى بلفظ غير الحمد لا يشمت.

(تنبيه): اعتيد في بعض الأقطار أنه إذا عطس كبير وحمد؛ لا يشمت؛ إعظاما له؛ وقد صرح جمع بأن من قال لمن شمت كبيرا: " يرحمك الله" ؛ لا تقل له ذلك؛ قاصدا أنه غني عن الرحمة؛ أو أجل من أن يقال له ذلك؛ كفر؛ قال ابن صورة؛ في المرشد: وليكن التشميت بلفظ الخطاب؛ لأنه الوارد؛ وقال في شرح الإلمام: المتأخرون إذا خاطبوا من يعظمونه قالوا: " يرحم الله سيدنا" - من غير خطاب -؛ وهو خلاف ما دل عليه الأمر في الحديث؛ وبلغني عن بعض علماء زماننا أنه قيل له ذلك؛ فقال: قل: " يرحمك الله يا سيدنا" ؛ كأنه قصد الجمع بين لفظ الخطاب؛ وما اعتادوه من التعظيم.

(حم خد م؛ عن أبي موسى) ؛ الأشعري ؛ ورواه عنه أيضا الطبراني .

التالي السابق


الخدمات العلمية