صفحة جزء
960 - " ازهد في الدنيا؛ يحبك الله؛ وازهد فيما عند الناس؛ يحبك الناس " ؛ (هـ طب ك هب)؛ عن سهل بن سعد " ؛ (صح).


(ازهد) ؛ من " الزهد" ؛ بكسر أوله؛ وقد يفتح؛ وهو لغة: الإعراض عن الشيء احتقارا؛ وشرعا: الاقتصار على قدر الضرورة مما يتيقن حله؛ وقيل: ألا يطلب المفقود؛ حتى يفقد الموجود؛ (في الدنيا) ؛ باستصغار جملتها؛ واحتقار جميع شأنها؛ لتحذير الله (تعالى) منها؛ واحتقاره لها؛ فإنك إن فعلت ذلك؛ (يحبك الله) ؛ لكونك أعرضت عما أعرض عنه؛ ولم ينظر إليه منذ خلقه؛ وفي إفهامه أنك إذا أحببتها؛ أبغضك؛ فمحبته مع عدم محبتها؛ ولأنه - سبحانه وتعالى - يحب من أطاعه؛ ومحبته مع محبة الدنيا لا تجتمعان؛ وذلك لأن القلب بيت الرب؛ فلا يحب أن يشرك في بيته غيره؛ ومحبتها الممنوعة هي إيثارها بنيل الشهوات؛ لا لفعل الخير والتقرب بها؛ والمراد بمحبته: غايتها؛ من إرادة الثواب؛ فهي صفة ذاتية؛ أو الإثابة؛ فهي صفة فعلية؛ (وازهد فيما عند الناس) ؛ منها؛ (يحبك الناس) ؛ لأن قلوبهم مجبولة على حبها؛ مطبوعة عليها؛ ومن نازع إنسانا في محبوبه؛ كرهه؛ وقلاه؛ ومن لم يعارضه فيه أحبه؛ واصطفاه؛ ولهذا قال الحسن البصري : لا يزال الرجل كريما على الناس؛ حتى يطمع في دنياهم؛ فيستخفون به؛ ويكرهون حديثه؛ وقيل لبعض أهل البصرة: من سيدكم؟ قال: الحسن؛ قال: بم سادكم؟ قال: احتجنا لعلمه؛ واستغنى عن دنيانا.

(طب ك هب؛ عن سهل بن سعد) ؛ الساعدي ؛ قال: قال رجل يا رسول الله؛ دلني على عمل إذا عملته أحبني الله؛ وأحبني الناس؛ فذكره؛ وحسنه الترمذي ؛ وتبعه النووي ؛ وصححه الحاكم ؛ واغتر به المصنف؛ فرمز لصحته؛ وكأنه ما شعر بتشنيع الذهبي عليه بأن فيه خالد بن عمر ؛ وضاع؛ ومحمد بن كثير المصيصي؛ ضعفه أحمد ؛ وقال المنذري - عقب عزوه لابن ماجه -: وقد حسن بعض مشايخنا إسناده؛ وفيه بعد؛ لأنه من رواية خالد القرشي؛ وقد ترك؛ واتهم؛ قال: لكن على هذا الحديث لامعة من أنوار النبوة؛ ولا يمنع كونه رواه الضعفاء أن يكون النبي قاله؛ أهـ؛ قال السخاوي : فيه خالد هذا؛ مجمع على تركه؛ بل نسبوه إلى الوضع؛ قال ابن حبان : ينفرد عن الثقات بالموضوعات؛ وقال ابن عدي : خالد وضع هذا الحديث؛ وقال العقيلي : لا أصل له؛ أهـ؛ ثم قضية صنيع المصنف أيضا أن البيهقي خرجه؛ وأقره؛ والأمر بخلافه؛ بل عقبه بقوله: خالد بن عمر ضعيف.

التالي السابق


الخدمات العلمية