صفحة جزء
107 - " أترعوا الطسوس؛ وخالفوا المجوس " ؛ (هب خط فر) ؛ عن ابن عمر .


(أترعوا) ؛ بفتح الهمزة؛ وسكون المثناة فوق؛ وكسر الراء: املؤوا؛ إرشادا؛ قال الزمخشري وغيره: " أترع الكأس" ؛ ملأها؛ و" جفان مترعات" ؛ و" سد الترعة" ؛ وهو منفتح الماء؛ ومن المجاز: " فتح ترعة الدار" ؛ بابها؛ و" حجبني التراع" ؛ البواب؛ يقولون: " جاءه القراع فرده التراع" ؛ (الطسوس) ؛ بضم الطاء وسينين مهملتين؛ جمع " طس" ؛ وهو لغة في " الطست" ؛ (وخالفوا المجوس) ؛ بفتح الميم؛ فإنهم لا يفعلون ذلك؛ وهم عبدة النار؛ القائلون بأن العالم نور وظلمة؛ ومعنى الحديث: اجمعوا الماء الذي تغسلون به أيديكم في إناء واحد؛ حتى يمتلئ؛ فإن ذلك مستحب؛ ولا تريقوه قبل امتلائه؛ كما تفعله المجوس؛ وقد جرى على ندب ذلك الغزالي في مختصر الإحياء؛ فقال: يستحب أن يجمع ماء الكل في طست واحد؛ ما أمكن؛ لهذا الحديث؛ وهذا بناء على أن المراد من الحديث غسل الأيدي من الطعام عقب الأكل؛ وحمله بعضهم على الوضوء الشرعي؛ فقال: يسن جمع ماء الوضوء في طست حتى يمتلئ ويطف؛ ولا يبادر بإهراقه قبل الامتلاء؛ مخالفة للمجوس؛ ولكل من الحملين وجه؛ أما كون ذلك من سنن الأكل فلأن فيه صون الماء عن التزلق الذي قد يقع فيه بعض الحاضرين فيؤذيه؛ وأما كونه من سنن الوضوء فلأن فيه التحرز عن الرشاش الذي قد يصيب ثوبه بعد إصابته الأرض؛ فيؤدي إلى الوسواس المضر؛ ويوافق ذلك أنه يسن عندنا للمتوضئ أن يتوقى الرشاش المؤدي إلى الوسواس؛ وينضم إلى ذلك مخالفة المجوس؛ والحديث - وإن كان ضعيفا - لكن يعمل به في الفضائل؛ وهذا منها؛ وفي الشعب أن عمر بن عبد العزيز كتب إلى عامله [ ص: 115 ] بواسط: بلغني أن الرجل يتوضأ في طست ثم يأمر بها فتهراق؛ وهذا من زي العجم؛ فتوضؤوا فيها؛ فإذا امتلأت فأهريقوها.

(هب خط فر؛ عن ابن عمر) ؛ ابن الخطاب ؛ وضعفه البيهقي ؛ وقال: في إسناده من يجهل؛ وقال ابن الجوزي : حديث لا يصح؛ وأكثر رواته ضعفاء ومجاهيل؛ لكنه ورد بمعناه في خبر جيد؛ رواه القضاعي في مسند الشهاب؛ عن أبي هريرة ؛ بلفظ: " اجمعوا وضوءكم؛ جمع الله شملكم" ؛ وقال الحافظ العراقي : إسناده لا بأس به؛ وروى البيهقي عن أبي هريرة مرفوعا: " لا ترفعوا الطسوس حتى تطف؛ اجمعوا وضوءكم؛ جمع الله شملكم" .

التالي السابق


الخدمات العلمية