صفحة جزء
1148 - " أعذر الله إلى امرئ أخر أجله حتى بلغ ستين سنة " ؛ (خ)؛ عن أبي هريرة ؛ (صح).


(أعذر الله إلى امرئ) ؛ أي: سلب عذر ذلك الإنسان؛ فلم يبق له عذرا يعتذر به؛ كأن يقول: لو مد لي في الأجل لفعلت ما أمرت به؛ فالهمزة للسلب؛ أو: بالغ في العذر إليه عن تعذيبه؛ حيث؛ (أخر أجله) ؛ يعني أطاله؛ (حتى بلغ ستين سنة) ؛ لأنها قريبة من المعترك؛ وهو سن الإنابة والرجوع؛ وترقب المنية؛ ومظنة انقضاء الأجل؛ فلا ينبغي له حينئذ إلا الاستغفار؛ ولزوم الطاعات؛ والإقبال على الآخرة بكليته؛ ثم هذا مجاز من القول؛ فإن العذر لا يتوجه على الله؛ وإنما يتوجه له على العبد؛ وحقيقة المعنى فيه أن الله لم يترك له شيئا في الاعتذار يتمسك به؛ وهذا أصل الإعذار من الحاكم إلى المحكوم عليه؛ وقيل لحكيم: أي شيء أشد؟ قال: دنو أجل وسوء عمل؛ قال القشيري: كان ببغداد فقيه يقرئ اثنين وعشرين علما؛ فخرج يوما قاصدا مدرسته؛ فسمع قائلا يقول:


إذا العشرون من شعبان ولت ... فواصل شرب ليلك بالنهار

    ولا تشرب بأقداح صغار
... فقد ضاق الزمان على الصغار



فخرج هائما على وجهه حتى أتى مكة فمات بها.

(خ)؛ في الرقائق؛ (عن أبي هريرة ) ؛ وفي الباب عن غيره أيضا.

التالي السابق


الخدمات العلمية