صفحة جزء
1196 - (اعلموا أنه ليس منكم من أحد إلا مال وارثه أحب إليه من ماله مالك ما قدمت ومال وارثك ما أخرت) (ن) عن ابن مسعود..
(اعلموا أنه ليس منكم من أحد إلا مال وارثه أحب إليه من ماله) قال بعض المخاطبين وكيف ذلك يا رسول الله قال (مالك ما قدمت) أي: صرفته في وجوه القرب فصار أمامك تجازى عليه بعد موتك في الآخرة (ومال وارثك ما أخرت) أي: ما خلفته بعدك فالذي تخلفه بعدك إنما هو لوارثك لهذا قال بعض العارفين قدموا بعضا ليكون لكم ولا تخلفوا كلا ليكون عليكم. قال الماوردي: وروي عن عائشة قالت ذبحنا شاة فتصدقنا بها فقلت يا رسول الله ما بقي منها إلا كتفها قال كلها بقي إلا كتفها فالحازم من عمد إلى ما زاد عن كفايته فيرى انتهاز الفرصة فيها فيضعها بحيث تكون له ذخرا معدا وغما مستجدا ومن يدخر المال لولده ونحوه من ورثته إشفاقا عليه من كد الطلب وسوء المنقلب استحق الذم واللوم من وجوه منها سوء الظن بخالقه في أنه لا يرزقهم إلا من جهته والثقة ببقاء ذلك على ولده مع غدر الزمان ومحنه ومنها ما حرم من منافع ماله وسلب من وفور حاله، وقد قيل: إنما مالك لك أو لوارثك أو للجائحة فلا تكن أشقى الثلاثة ومنها ما لحقه من شقاء حمقه وناله من عناء كده حتى صار ساعيا محروما وجاهدا مذموما ومن ثم قالوا رب مغبوط بمسرة هي داؤه ومحزون من سقم هو شفاؤه ومنها ما يؤخذ به من وزره وآثامه ويحاسب عليه من شقائه وإجرامه وكما حكي أن هشام بن عبد الملك لما ثقل بكى عليه ولده فقال جاد لكم هشام بالدنيا وجدتم له بالبكاء وترك لكم ما كسب وتركتم عليه ما اكتسب فعلم من هذا التقرير أن الحديث مسوق لذم من قتر على نفسه وعياله وشح بالمال أن ينفق منه في وجوه القرب وادخره لورثته. أما من وسع على عياله وتصدق قصدا بالمعروف ثم فضل بعد ذلك شيء فادخره لعياله فلا يدخل في الذم بدليل خبر لأن تترك ورثتك أغنياء خير إلخ وقضيته أن من مات وخلف دينا لوارثه فلم يقبضه ثم مات الكل كان المطالب به في الآخرة الوارث لكن صرح أئمتنا بأن المطالب فيها صاحب الحق أولا

(ن) عن ابن مسعود) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أيكم مال وارثه أحب إليه من ماله اعلموا إلخ وهو في الصحيحين بنحوه.

التالي السابق


الخدمات العلمية