صفحة جزء
121 - " اتقوا الله واعدلوا في أولادكم " ؛ (ق)؛ عن النعمان بن بشير .


(اتقوا الله) ؛ علق الاتقاء بالاسم العلم؛ دون غيره من بقية أسمائه وصفاته؛ لمزيد التأكيد والمبالغة في الحمل على الامتثال؛ بإدخال المهابة بسلطان الأسماء الجلالية؛ (واعدلوا) ؛ ندبا؛ (في) ؛ وفي رواية: " بين" ؛ (أولادكم) ؛ أي: سووا بينهم في العطية؛ وغيرها؛ لئلا يفضي التفضيل إلى العقوق؛ والتحاسد؛ وذلك بأن يسوى بين ذكورهم وإناثهم؛ وقيل: كالإرث؛ فعدم العدل بينهم مكروه؛ تنزيها؛ عند الشافعي ؛ لما ذكر؛ وتصح الهبة؛ وقال أحمد : إن خص أحدكم لا لمعنى فيه يبيح التفضيل؛ حرم؛ ولزمه التسوية؛ إما برد ما فضل؛ أو إتمام نصيب الباقي؛ ويرده خبر مسلم : " أشهد على هذا غيري" ؛ إذ لو كان حراما لم يأذن له في استشهاد غيره؛ وامتناعه من الشهادة تورع؛ ولا يعارضه رواية: " إني لا أشهد على جور" ؛ لأن المكروه جور؛ إذ " الجور" : الميل عن الاعتدال و" العدل" : ملكة يقتدر بها على تجنب ما لا يليق فعله؛ إذ هو وضع الشيء بمحله اللائق به في نفس الأمر؛ وإذا طلب العدل بين الأولاد فبين غيرهم أولى؛ فهو مطلوب حتى في الأمور الدينية؛ فقد نقل ابن جماعة عن بعض مشايخه أنه كان يقسم ساعات النهار بين طلبته بالرمل؛ فإذا غاب أحدهم عن وقته يقول له: مشى رملك؛ ولا يقرئه ذلك اليوم.

(ق)؛ البخاري في الهبة؛ ومسلم في الفرائض؛ (عن النعمان بن بشير ) ؛ بفتح الموحدة؛ وكسر المعجمة؛ وبالتحتية؛ وهو ابن سعد الخزرجي؛ أبي عبد الله الأمير؛ ولي حمص ليزيد؛ وقتل في آخر سنة أربع وستين؛ قال: أتى بي أبي إلى رسول الله - صلى الله (تعالى) عليه وعلى آله وسلم - فقال: إني نحلت ابني هذا غلاما كان لي؛ فقال: " أكل ولدك نحلته مثل [ ص: 127 ] هذا؟" ؛ قال: لا؛ قال: " فارجعه" ؛ وفي رواية: فقال: " أفعلت هذا بولدك كلهم؟" ؛ قال: لا؛ قال: " اتقوا الله واعدلوا..." ؛ إلى آخره؛ قال النعمان: فرجع بي؛ فرد تلك الصدقة؛ وفي رواية: قال رسول الله - صلى الله (تعالى) عليه وعلى آله وسلم -: " يا بشير؛ ألك ولد سوى هذا؟" ؛ قال: نعم؛ قال: " أكلهم وهبت له مثل هذا؟" ؛ قال: لا؛ قال: " فلا تشهدني إذن؛ فإني لا أشهد على جور" ؛ وفي رواية: " أشهد على هذا غيري" ؛ ثم قال: " أيسرك أن يكونوا إليك في البر سواء؟" ؛ قال: نعم؛ قال: " فلا إذن" ؛ أخرجه الشيخان.

التالي السابق


الخدمات العلمية