صفحة جزء
1258 - (أفضل الصدقة أن تصدق وأنت صحيح شحيح تأمل الغنى وتخشى الفقر ولا تمهل حتى إذا بلغت الحلقوم قلت لفلان كذا، ولفلان كذا ألا وقد كان لفلان كذا) (حم) (ق) (د) (ن) عن أبي هريرة.
(أفضل الصدقة) أي: أعظمها أجرا قال الحراني: الصدقة الفعلة التي يبدو بها صدق الإيمان بالغيب (أن تصدق) بتخفيف الصاد على حذف إحدى التاءين وبالتشديد على إدغامها (وأنت صحيح) أي: والحال أنك سليم من مرض مخوف (شحيح) أي: حريص على الضنة بالمال وهو صفة مشبهة من الشح وهو بخل مع حرص فهو أبلغ منه فهو بمنزلة الجنس والبخل بمنزلة النوع وقيل هو وصف لازم من جهة الطبع (تأمل) بفتح المثناة فوق وبضم الميم (العيش) أي: تطمع كذا هو في جامع الفصلين للمؤلف وهي لفظ رواية النسائي، ورواية البخاري: الغنى: بغين معجمة مكسورة ثم وقفت على (خط) المؤلف فوجدته الغنى فتقول أترك مالي في بيتي لأكون غنيا وقد أعمر طويلا (وتخشى) أي: والحال أنك تخشى (الفقر) أي: تقول في نفسك لا تتلف مالك لئلا تصير فقيرا فمجاهدة النفس حينئذ على إخراج المال آية صحة القصد وقوة الرغبة كان لذلك أفضل لأن المراد أن شح النفس هو سبب هذه الأفضلية (ولا تمهل) بالجزم نهي وبالرفع نفي فيكون مستأنفا وبالنصب عطف على تصدق وكلاهما خبر مبتدأ محذوف: أي: أفضل الصدقة أن تتصدق بها حال صحتك على احتياجك لما في يدك ولا تؤخر (حتى إذا بلغت) الروح يدل عليه السياق (الحلقوم) بضم الحاء المهملة الحلق أي: قاربت بلوغه أي الوصول إلى مجرى النفس عند الغرغرة ولم تبلغه بالفعل إذ لو بلغته لما صح تصرفه (قلت لفلان كذا ولفلان كذا) كناية عن الموصى به والموصى له: أي: إذا وصلت هذه الحالة وعلمت أن المال صار لغيرك تقول للورثة أعطوا فلانا من مالي كذا واصرفوا لعمارة المسجد كذا (وقد كان لفلان) أي: والحال أن المال في تلك الحالة صار متعلقا بالوارث فيبطله إن شاء فيما زاد على الثلث، وقيل: كناية عن المورث أي: خرج عن تصرفه واستقلاله بما شاء من التصرف فليس له في وصيته كثير ثواب بالنسبة إلى ما كان وهو كامل التصرف وحاصله أن الشح غالب في الصحة فالصدقة حينئذ أعظم أجرا وفيه أن المرض يقصر يد المالك عن بعض ملكه وأن سخاءه في مرضه لا يمحو عنه سمة البخل ومعنى شحه بالمال أن يجد له وقعا في قلبه لما يرجوه من طول العمر ويخافه من حدوث الفقر الشيطان يعدكم الفقر وفيه التحذير من التسويف بالإنفاق استبعادا لحلول الأجل واشتغالا بطول الأمل، والترغيب في المبادرة بالصدقة قبل هجوم المنية وفوات الأمنية

(حم) (ق) (د) (ن) عن أبي هريرة)

التالي السابق


الخدمات العلمية