صفحة جزء
127 - " اتقوا الله في الصلاة؛ اتقوا الله في الصلاة؛ اتقوا الله في الصلاة؛ اتقوا الله فيما ملكت أيمانكم؛ اتقوا الله فيما ملكت أيمانكم؛ اتقوا الله في الضعيفين: المرأة الأرملة؛ والصبي اليتيم " ؛ (هب)؛ عن أنس .


(اتقوا الله في الصلاة) ؛ أي: اجعلوا بينكم وبين غضبه وقاية؛ بالمواظبة عليها؛ رجاء لرضا ربكم؛ وخوفا من نقض العهد؛ الذي عهده إليكم نبيكم؛ بقوله: " العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة" ؛ الحديث؛ (اتقوا الله في الصلاة؛ اتقوا الله في الصلاة) ؛ كرره تأكيدا؛ واهتماما؛ لأنها علم الإيمان؛ وعماد الدين؛ وطهرة القلوب من أدناس الذنوب؛ واستفتاح باب الغيوب؛ محل المناجاة؛ معدن المصافاة؛ تتسع فيها ميادين الأسرار؛ وتشرق فيها مشارق الأنوار؛ وتجمع من القرب ما تفرق في غيرها؛ كطهر؛ وستر؛ وقراءة؛ وذكر؛ ويمتنع فيها ما يمتنع في غيرها؛ وتزيد بأمور أخرى؛ (اتقوا الله فيما ملكت أيمانكم) ؛ فعاملوهم بالرعاية؛ وتجاوزوا عما يصدر منهم من الجناية؛ وفي الكشاف: عن علي - كرم الله وجهه - أنه صاح بغلام له كرات؛ فلم يجبه؛ فنظر فإذا هو بالباب؛ فقال: " لم لم تجب" ؛ قال: لثقتي بحلمك؛ وأمني من عقوبتك؛ فأعتقه؛ وقال: " من كرم الرجل سوء أدب غلمانه" ؛ (اتقوا الله فيما ملكت أيمانكم) ؛ كرره مرتين فقط؛ إيماء إلى أن رعاية حق الحق آكد من رعاية حق الخلق؛ (اتقوا الله في الضعيفين) ؛ قيل: من هما يا رسول الله؟ قال: (المرأة الأرملة) ؛ أي: المحتاجة المسكينة؛ التي لا منفق لها؛ سميت " أرملة" ؛ لما لها من الإرمال؛ وهو الفقر؛ وذهاب الزاد؛ وأصل " أرمل" : نزل بين جبال ورمال؛ قال الزمخشري : ومن المجاز: " أرمل" ؛ افتقر؛ وفني زاده؛ وهو من " الرمل" ؛ ومنه: " الأرملة" ؛ و" الأرامل" ؛ وفي العين: لا يقال شيخ أرمل؛ إلا أن يشاء شاعر في تلميح كلامه؛ كقوله:


هذي الأرامل قد قضيت حاجتها ... فمن لحاجة هذا الأرمل الذكر



[ ص: 129 ] و" أرملت المرأة" ؛ و" رملت من زوجها" ؛ ولا يكون إلا مع الحاجة؛ و" عام أرمل" ؛ و" سنة رملى" ؛ جدباء؛ و" كلام مرمل" ؛ مزيف؛ كالطعام المرمل؛ إلى هنا كلامه؛ وقول الشافعي - رحمه الله -: هي من بانت بفسخ؛ أو طلاق؛ أو وفاة؛ اصطلاح فقهي؛ وتقييده بالأرملة ليس لإخراج غيرها؛ بدليل إطلاقها فيما قبله؛ بل لأن رعاية حقها آكد؛ (والصبي اليتيم) ؛ أي: الصغير؛ الذي لا أب له شرعا؛ ذكرا أو أنثى؛ حث على الوصية بهؤلاء؛ لأن ما تضمره النفس من التكبر تظهره فيهم؛ لكونهم تحت قهرها؛ فترى الإنسان يعمل الفكرة في وجوه العظمة عليهم؛ ويتفكر في كيفية زجرهم؛ وكيفية قهرهم؛ وجوابهم عما يتعللون به من مخالفته.

(هب؛ عن أنس ) ؛ قال: كنا عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين حضرته الوفاة؛ فقال لنا: " اتقوا الله..." ؛ إلى آخره؛ فجعل يرددها؛ ويقول: " الصلاة" ؛ وهو يغرغر؛ حتى فاضت نفسه؛ انتهى.

وقد رمز المصنف لحسنه؛ لكن فيه بشر بن منصور الخياط؛ أورده الذهبي في المتروكين؛ وقال: هو مجهول؛ قبل المائتين.

التالي السابق


الخدمات العلمية